للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَاهِبِ دُخُولُ الْمَوْهُوبِ لَهُ إِلَى الْبُسْتَانِ لالْتِقَاطِ الثَّمَرِ، لَاسِيمَا الْعَرَب؛ فَإِنَّ عَادَتَهُم أَنْ يَنتَقِلُوا بِأَهْلِهِمْ وَعِيَالِهِم فِي وَقْتِ الثَّمَرِ إِلَى الْبَسَاتِينِ، فَيَجُوزُ لِلوَاهِبِ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنَ الْمَوْهُوبِ لَهُ الرُّطَبَ الَّذِي عَلَى النَّخْلَةِ الَّتِي وَهَبَهَا مِنْهُ بِالتَّمْرِ، وَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ أَنْ يَبْتَاعَ ذَلِكَ.

فمَالكٌ يُجَوِّزُ [بيعَ] (١) العَرايَا، لَكِن مِنَ الوَاهِبِ دُونَ غيرِهِ (٢).

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (٣): الْمُراد بذلِكَ أَن يَهَبَ رَجُلٌ مِن رَجُلٍ ثَمَرَةَ نَخْلَةٍ مِنْ بُسْتَانِهِ ولَم يَقْبِضْهُ، فَالْهِبَةُ غَيْرُ لَازِمَةٍ في حَقِّ الْوَاهِبِ، فَكَانَ يَشْقُّ عَلَيْهِ دُخُولُ الْمَوهُوبِ لَهُ إِلَى بُسْتَانِهِ لالْتِقَاطِ الثَّمَرةِ، فَكَرِهَ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِه، فقالَ لَهُ: أَنَا أَدْفَعُ إِلَيْكَ بَدَلَ النَّخْلَةِ تَمْرًا، فَيَكُونُ هَذَا فِي مَعْنَى الْبَيْعِ، لَا أَنَّهُ بَيْعٌ فِي الحَقيقَةِ.

ودَليلُ الشَّافِعِيِّ: مَا رُوِيَ عَنْ سَهْلِ بن أَبِي حَثْمَةَ قَالَ: (نَهَى رَسُولُ اللهِ عَنْ بَيْعِ التَّمْرِ بِالثَّمَرِ، إِلَّا أَنَّهُ أَرْخَصَ فِي العَرايَا أَنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهَا تَمْرًا، يَأْكُلُهَا أَهْلُهَا رُطبًا) (٤)، فَقَدْ أَجَازَ بَيْعَ العَرِيَّة.

وَمَا يَذْهَبُ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَة لَيْسَ بِمَبِيعٍ، وَالاحْتِجَاجُ عَلَى مَالِكٍ أنَّهُ أَجَازَ ذَلِكَ عَلَى العُمُومِ، ومَالكٌ يُجِيزُهُ عَلَى الخصُوصِ فَيَجِيزُهُ مِنَ الْمُغْرِي دُونَ غَيْرِهِ.


(١) في المخطوط: (بين)، والمثبت الصواب الذي يقتضيه سياق الكلام.
(٢) نقلَ هذا الكَلام بمعْنَاه الكِرمانيُّ في الكَواكب الدراري (١٠/ ٥٢)، ونَسَبَه لِقِوَامِ السُّنَّةَ التَّيْمي .
(٣) ينظر: مختصر الطحاوي (ص: ٧٨)، مختصر القدوري (٢/ ٢٠٣).
(٤) حديث (رقم: ٢١٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>