للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالاسْتِبْرَاءُ وَاجِبٌ عَلَى الْمُشْتَرِي دُونَ الْبَائِعِ، لأنَّه وَطْءٌ فِي مِلْكٍ؛ فَوَجَبَ أنْ يَكُونَ الاِسْتِبْرَاءُ بَعْدَ زَوَالِ الْمِلْكِ كَوَطْءِ الزَّوْجِ.

وَالدَّلَالَهُ عَلَى مَنْ قَالَ إِنَّ الاسْتِبْرَاءَ عَلَيْهِمَا هُوَ أَنَّهُ اسْتِبْرَاءٌ لِزِوَالِ الْمِلْكِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ اسْتِبْرَاءً وَاحِدًا قِيَاسًا عَلَى اسْتِبْرَاءِ الزَّوْجَةِ.

إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّهُ يَستَبْرِئُ بِقَرْءٍ وَاحِدٍ، وَهَلْ ذَلِكَ طُهرٌ أَوْ حَيْضٌ؟ فِيهِ وَجْهَانِ (١):

أحَدُهُما: أَنَّهُ حَيْضُ، لأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُعْلَمُ بِهِ بَرَاءَةُ الرَّحِمِ.

والثَّانِي: أَنَّهُ طُهْرٌ كَاسْتِبْرَاءِ الزَّوْجَةِ.

فإذَا ثَبَتَ هذَا فَلَا يَحِلُّ لِلْمُشْتَرِي وَطْؤُهَا فِي مُدَّةِ الاِسْتِبْرَاءِ، وَلَا قُبْلَتُهَا


= ٢١٥٩)، والطبراني في الأوسط (٢/ ٢٧٦)، والدارقطني في سننه (٤/ ١١٢)، والحاكم في المستدرك (٢/ ٢١٢)، والبيهقي في الكبرى (٥/ ٣٢٩) و (٧/ ٤٤٩) جميعا من طرق عن شَرِيكَ القَاضِي عن قَيْسِ بن وَهْبٍ عَن أَبي الوَدَّاك عن أبي سَعيد الخدري به مرفوعا، ولفظُه: ( … وَلا غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً).
قال الحاكم: "صحيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يُخْرِجَاه"!! قلتُ: شَرِيكٌ إِنَّما أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ مُتَابَعَةً فَقَط، ولِذَلِكَ قَال الحَافِظُ في الفتح (٤/ ٤٢٤): "وَلَيْسَ عَلى شَرْط الصَّحِيح"، لَكنَّه حَسَّنَه في التلخيص الحبير (١/ ١٧١ - ١٧٢).
وسَبَقَه إلى الحُكْمِ بِتَحْسِينِه الحافِظُ أبُو عُمَر ابن عَبْدِ الْبَرِّ في التمهيد (١٨/ ٢٧٩).
قلت: أَعَلَّه عَبْدُ الحَقِّ الإشبيلي في الأحكام الوسطي (١/ ١٦٣) بأبي الوَدَّاك، وقال ابن القطان الفاسي في بيان الوهم والإيهام (٣/ ١٢٢) إِنَّ إِعْلالَه بشَرِيك بن عبدِ الله القَاضي أَوْلى، فإنَّهُ مُدَلِّس، وقَدْ ساءَ حِفْظُهُ لَمَّا وَلِي القَضَاء.
وللحَدِيث شَواهِد يَتَقَوَّى بها، تُنْظَر في البدر المنير لابن الملقن (٣/ ١٤٢ - ١٤٥).
(١) ينظر: الحاوي الكبير للماوردي (١٠/ ١٤٧ - ١٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>