للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَجُوزُ الرُّجُوعُ فِي التَّدْبِيرِ بِمَا يَدْخُلِ الْمِلْكَ كَالْبَيْعِ وَالهِبَةِ الْمَقْبُوضَةِ، لِمَا رَوَى جَابِرٌ : (أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ غُلامًا لَهُ عَن دُبُرِ، ولَم يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ، فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ ، فَبيعَ بِسَبْعِمِائَةٍ أَوْ تِسْعِمِائَة) (١).

وفِي حَدِيثِ جَابِرٍ: (بَاعَ النَّبِيُّ الْمُدَبَّرَ) (٢) دَلَالَةٌ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ، وفَسَادِ تَأْوِيلِ مَنْ قَالَ أَرَادَ بَاعَ خِدْمَةَ الْمُدَبَّرِ نَفْسِهِ، إِذْ لَا خِلَافَ بَيْنَ العُلَمَاءِ أَنَّ بَيْعَ خِدْمَةِ الْمُدَبَّرِ بَاطِلٌ غَيْرُ جَائِزٍ؛ لأنَّ البَيْعَ إِذَا عُقِدَ عَلَى مَجْهُولٍ لَمْ يَجُزْ، وَخِدْمَةُ الْمُدَبَّرِ حَيَاةَ الْمُدَبَّرِ مَجْهُولَةٌ، لَا يُعْلَمُ كَمْ يَعِيشُ بَعْدَ التَّدْبِيرِ.

وفِيهِ أَيْضًا دَلَالَةٌ عَلَى خَطَأَ قَوْلِ مَنْ قَالَ: الْمُدَبَّرُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُدَبِّرِ، إِذْ الأحَاديثُ تَدُلُّ عَلَى بَيْعِهِ فِي حَيَاتِهِ (٣).

قالَ صَاحِبُ الغَرِيبينِ (٤): فِي الحَدِيثِ: (لَا يَأْتِي الصَّلاةَ إِلَّا دَبَرِيًّا) (٥)، أَيْ:


(١) أخرجه أبو داود (رقم: ٣٩٥٧) من طريق أحمد بن حنبل عن هشيم بن عبد الملك بن أبي سليمان عطاء وإسماعيل بن أبي خالد عن سلمة بن كهيل عن عطاء عن جابر بن عبد الله به.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: (٤/ ٤٢٢): "اتَّفَقَتِ الطُّرق عَلَى أَنَّ ثَمَنَه ثمانمائِة دِرْهَم، إلا مَا أخْرَجَهُ أبو داود من طريق هُشَيم عن إسْماعيل .. ".
قلتُ: والحديث أخرجه البخاري (رقم: ٧١٨٦)، ومسلم (رقم: ٩٩٧) من حديث جابر بلفظ (ثمانمائة درهم).
(٢) أخرجه البخاري (رقم: ٢٢٣٠).
(٣) كذا في المخطوط، وهي عبارة فيها سقط ظاهر، ولعل تقديره: (ببيع)
(٤) كتاب الغريبين للهروي (٢/ ٦١٦).
(٥) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (١٣/ ٢٩٥ - ٢٩٦) من طريق عبد الله بن نمير عن سفيان قال ثنا: عبد الله بن عَابسٍ عن أَبي إياس عن ابن مسعود من قوله.
قلت: عبد الله بن عَابِسٍ هذا أَبُو سَبرة النخعي قال فيه الحافِظ: مَقْبُولٌ، أَي: حيثُ يُتَابع، وإلا فَلَيِّنُ الحَدِيث.

<<  <  ج: ص:  >  >>