للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَشْتَرِطَا أَنْ يَكُونَ البَذْرُ مِنَ العَامِلِ، أَوْ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ، أَوْ مِنْهُمَا، وَقَالَ أَحْمَدُ (١): إِنْ شَرَطَا أَنْ يَكُونَ البَذْرُ مِنَ العَامِلِ أَوْ مِنْهُمَا لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ شَرَطَا أَنْ يَكُونَ مِنْ صَاحِبِ الأَرْضِ صَحَّ.

دَلِيلُ الشَّافِعِيِّ: مَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ قَالَ: (كُنَّا نُخَابِرُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَلَا نَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا، حَتَّى أَخْبَرَنَا رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ أَنَّ النَّبِيَّ نَهَى عَنِ الْمُخَابَرَةِ، فَتَرَكْنَاهَا لِقَوْلِ رَافِعٍ) (٢).

وَلِأَنَّهُ زَارِعٌ عَلَى أَرْضٍ مُفْرَدَةٍ بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَلَمْ يَصِحَّ لَوْ شَرَطَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِنَفْسِهِ زَرْعًا مُعَيَّنًا، فَعَلَى هَذَا: إِذَا زَارَعَ عَلَى أَرْضٍ وَحَصَلَ الزَّرْعُ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ لِصَاحِبِ البَذْرِ، لِأَنَّهُ نَمَاءُ مَالِهِ، فَإِنْ كَانَ البَذْرُ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ كَانَ الزَّرْعُ لَهُ، وَيَرْجِعُ الزَّارِعُ عَلَيْهِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ، وَأُجْرَةِ مِثْلِ بَهَائِمِهِ، وَآلَتِهِ، لِأَنَّهُ بَذَلَ تِلْكَ الْمَنَافِعَ عَلَى أَنْ يَحْصُلَ لَهُ سَهُمٌ مِنَ الزَّرْعِ، فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ ذَلِكَ وَتَلَفَتْ مَنَافِعُهُ اسْتَحَقَّ عِوَضَهَا عَنْهَا.

وَإِنْ كَانَ البَذْرُ مِنَ الزَّارِع فَالزَّرْعُ لَهُ، وَيَرْجِعُ صَاحِبُ الْأَرْضِ عَلَيْهِ بِأُجْرَةِ أَرْضِهِ، وَإِنْ كَانَ البَذْرُ مِنْهُمَا: فَالزَّرْعُ بَيْنَهُمَا، وَيَسْتَحِقُّ صَاحِبُ الْأَرْضِ عَلَى الزَّارِعِ نِصْفَ أُجْرَةِ أَرْضِهِ، وَيَسْتَحِقُّ الزَّارِعُ عَلَيْهِ نِصْفَ أُجْرَتِهِ، وَنِصْفَ أَجْرَةِ بَهَائِمِهِ وَآلَتِهِ، فَإِنْ تَسَاوَى الأَمْرَانِ لَمْ يَسْتَحِقَّ أَحَدُهُمَا عَلَى الآخَرِ شَيْئًا، وَإِنْ


= (٧/ ٥١) والمغني لابن قدامة (٥/ ٥٨٢).
(١) ينظر: مسائل أحمد لعبد الله (ص: ٤٠٣)، ومسائل أحمد لأبي داود (ص: ٢٠٠)، ومسائل أحمد وإسحاق للكوسج (٦/ ٢٦٦٧).
(٢) أخرجه مسلم (رقم: ١٥٤٧) عن ابن عُمَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>