للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَنَّ مَنْ سَبَقَ إِلَى شَيْءٍ مِنْهَا وَأَحْرَزَهُ كَانَ أَحَقَّ بِهِ.

وَأَنَّ أَهْلَ الشُّرْبِ الأَعْلَى مُقَدَّمُونَ عَلَى أَهْلِ الشُّرْبِ الأَسْفَلِ.

وَأَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَعْلَى أَنْ يَحْبِسَهُ عَنِ الأَسْفَلِ إِذَا كَانَ قَدْ أَخَذَ حَاجَتَهُ مِنْهُ.

قَالَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ: كَانَ لِرَسُولِ اللهِ أَنْ يَحْكُمَ لِأَيِّهِمَا شَاءَ، إِلَّا أَنَّهُ قَدَّمَ الأَسْهَلَ أَخْذًا بِالْمُسَامَحَةِ، وَإِيثَارًا لِحُسْنِ الجِوَارِ، فَلَمَّا رَأَى الْأَنْصَارِيَّ يَجْهَلُ مَوْضِعَ حَقِّهِ، أَخَذَهُ بِمَا هُوَ أَشَدُّ عَلَيْهِ، لِيَكُونَ أَبْلَغَ لَهُ فِي الزَّجْرِ.

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَعْفُو عَنِ التَّعْزِيرِ، كَمَا لَهُ أَنْ يُقِيمَهُ.

وَقَوْلُهُ: (وَاسْتَوْعَى لَهُ حَقَّهُ) أَيْ: اسْتَوْفَى.

وَ (الجَدْرُ): الجِدَارُ، وَقِيلَ: هُوَ جَزْمُ الجِدَارِ الَّذِي هُوَ الحَائِلُ بَيْنَ المَسَارَاتِ.

وَحُكْمُهُ فِي حَالِ غَضَبِهِ مَعَ نَهْيِهِ أَنْ يَحْكُمَ الحَاكِمُ وَهُوَ غَضْبَانُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ كَغَيْرِهِ مِنَ البَشَرِ، إِذْ قَدْ عَصَمَهُ اللهُ مِنْ أَنْ يَقُولَ فِي الغَضَبِ وَالرِّضَا إِلَّا حَقًّا.

وَفِي رِوَايَةٍ: (فَلَمَّا أَحْفَظَ الأَنْصَارِيُّ النَّبِي ) (١)، أَيْ: أَغْضَبَهُ، وَالحَفِيظَةُ وَالحَفَظَةُ: الغَضَبُ.

قَالَ (٢): [من البسيط]


(١) أخرجه البخاري رقم (٢٧٠٨).
(٢) البيت لرجُلٍ من بَني العَنْبَر، كما في عيون الأخبار لابن قتيبة (١/ ٢٨٥)، وسَمَّاه التبريزي في شرح الحماسة (ص: ٣): قُرَيْط بن أُنيف، وتبعه الزبيدي في تاج العروس (٢٠/ ٢٢٠).=

<<  <  ج: ص:  >  >>