للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِنَايَتِهِمْ بِهَا، وَاشْتِرَاطِهِمُ الْمَعْرِفَةَ بِهَا قَبْلَ طَلَبِ الحَدِيثِ، لِأَنَّهَا عَاصِمَةٌ مِنَ الزَّلَلِ فِي فَهْمِ السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ، وَنَقْلِهَا وَرِوَايَتِهَا.

وَكَانَ إِمَامُنَا قِوامُ السُّنَّةِ ، عَالِمًا بِالعَرَبِيَّةِ وَعُلُومِهَا، مُجْتَهِدًا فِي تَحْصِيلِ فُنُونِهَا، حَتَّى بَزَّ أَقْرَانَهُ، وَظَهَرَ فَضْلُهُ فِي مَعْرِفَتِهَا كَمَا تَزْخَرُ بِهَا شَهَادَاتُهُمْ، وَلَيْسَ هَذَا بِمُسْتَغْرَبٍ مِمَّنْ صَنَّفَ فِي "إِعْرَابِ القُرْآنِ"، وَلَهَجَ العُلَمَاءُ بَعْدَهُ بِنَقْلِ كَلَامِهِ فِي تَفْسِيرِ غَرِيبِ الحَدِيثِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، بَلْ إِنَّهُ مُتَرْجَمٌ فِي كُتُب اللُّغَوِيِّينَ، مَعْدُودٌ فِي طَبَقاتِ النُّحَاةِ (١).

وَهَكَذَا؛ فَقَدْ وَصَفُوهُ بِأَنَّهُ: "كَانَ يُجِيدُ النَّحْوَ، وَلَهُ فِي النَّحْوِ يَدٌ بَيْضَاءُ" (٢)، وَشَهِدُوا لَهُ بِالإِمَامَةِ فِي اللُّغَةِ (٣)، وَأَثْنَوا عَلَى مَعْرِفَتِهِ بِالأَدَبِ (٤)، وَأَشَادُوا بِعِلْمِهِ بِالبَلَاغَةِ (٥).

ومِنْ شَوَاهِدِ اهْتِمَامِهِ بِإِبْرَازِ بَعْضِ القَضَايَا الصَّرْفِيَّةِ مَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ، يَقُولُ : "قَالَ أَهْلُ النَّحْوِ: الجَمْعُ جَمْعَانِ: قَلِيلٌ وَكَثِيرٌ.

وَالْقَلِيلُ: مَا دُونَ العَشَرَةِ، وَالْكَثِيرُ: مَا فَوْقَ الْعَشَرَةِ، وَسُمِّيَ الأَوَّلُ الجَمْعَ القَلِيلَ، وَيُسَمَّى أَدْنَى الْعَدَدِ، وَهُوَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَبْنِيَةٍ: أَفْعُل كَأَوْسُقٍ فِي جَمْعَ وَسَق،


(١) بُغْيَة الوُعَاة في طبقات اللغويين والنحاة للسيوطي (١/ ٤٥٥).
(٢) تاريخ الإسلام للذهبي (١١/ ٦٢٦).
(٣) السير للذهبي (٢٠/ ٨٥)، البداية والنهاية لابن كثير (١٦/ ٣٢٨)، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي (٥/ ٢٦٧).
(٤) اللباب لابن الأثير (١/ ٣٠٩)، الوافي بالوفيات للصفدي (٩/ ٢٠٩)
(٥) التدوين في أخبار قزوين (٢/ ٣٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>