للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَيْسَ تَأْثِيرُ السِّحْرِ فِي أَبْدَانِ الأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ [بِأَكْثَرَ مِنَ القَتْلِ، وَتَأْثِيرِ السُّمِّ، وَالأَمْرَاضِ وَعَوَارِضِ الأَسْقَامِ فِيهِمْ، وَقَدْ قُتِلَ] (١) زَكَرِيَّا وَابْنُهُ ، وَسُمَّ النَّبِيُّ فِي الشَّاةِ الَّتِي أُهْدِيَتْ إِلَيْهِ بِخَيْبَر، وَإِنَّمَا ذَلِكَ امْتِحَانٌ وَابْتِلَاءٌ لَهُمْ.

وَلِلْكَلَامِ وَالقَوْلِ تَأْثِيرٌ فِي النُّفُوسِ وَالطِّبَاعِ، وَرُبَّمَا صَارَ الإِنْسَانُ يَحْمَى وَيَغْضَبُ إِذَا سَمِعَ المَكْرُوهَ، وَرُبَّمَا حُمَّ الإِنْسَانُ مِنْ غَمٍّ يُصِيبُهُ وَقَوْلٍ سَيِّءٍ يَسْمَعُهُ.

وَإِنَّمَا كَانَ النَّبِيُّ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَلَا يَفْعَلُهُ فِي أَمْرِ النِّسَاءِ خُصُوصًا، إِذْ كَانَ قَدْ أُخِذَ عَنْهُنَّ بِالسِّحْرِ دُونَ مَا سِوَاهُ مِنَ الدِّينِ.

وَقَوْلُهُ: (أَلَا تَنَشَّرْتَ)، النُّشْرَةُ ضَرْبٌ مِنْ عِلَاجِ الْمُصَابِ بِمَسِّ الجِنِّ وَعَمَلِ السِّحْرِ، يُنْشَرُ بِهِ ذَلِكَ العَارِضُ تَنْشِيرًا.

وَقَدْ يُجَلَّلُ صَاحِبُهُ بِصُبُوبٍ مِنْ مِيَاهٍ مُخْتَلِفَةِ المَوَاضِعِ يُنْفَثُ فِيهِ وَيُرْقَى بِهِ.

وَقَدْ كَرِهَ جَمَاعَةٌ مِنَ العُلَمَاءِ النُّشْرَةَ (٢).


= على صِحَّة مَذْهَب أَهْلِ السُّنَّةَ، سَلَكَ اللهُ بِنَا سَبِيلَهُم.
بل إِنَّ السِّحْرَ كانَ مَعْرُوفا عند الأُمَم السَّابقة، قَال تَعَالَى: ﴿كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ﴾ سورة الذاريات، آية: (٥٢).
(١) في المخطوط: (من النار) أو (من العار)، والمثبت من أعلام الحديث للخطابي (٢/ ١٥٠١ - ١٥٠٢)، وهو الصَّوابُ الْمُوافِق لِسِياق الكلام.
(٢) وممن كَرِهَها: ابن مسْعودٍ، وجَابر بن عبد الله ، ومِن التَّابِعين: الحَسَن البَصْري .
والنُّشْرة أنواع: فَهِيَ تَارَةً تَكُونُ بِسِحرٍ مِثله، وهو الَّذي من عَمَل الشَّيْطان؛ وعليه يُحْمل قولُ الحسن، فَيَتقربُ النَّاشرُ والْمُنْتَشِر إلى الشَّيطان بما يحبُّ.
والنَّوع الثَّاني: النُّشرة بالرُّقية والتَّعوُّذاتِ والأَدوية والدَّعواتِ الْمُبَاحَةِ، فَهَذَا جَائِزٌ" كما في=

<<  <  ج: ص:  >  >>