للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالرِّيَاسَةِ عَلَى سَائِرِ أَهْلِ زَمَانِهِ، فَقَالَ : "لَيْسَ فِي وَقْتِهِ مِثْلُهُ" (١).

وَبَلَغَ مِنْ شَهَادَةِ أَهْلِ الفَضْلِ لَهُ أَنْ جَعَلُوهُ مِمَّنْ يُضْرَبُ بِهِمُ الْمَثَلُ فِي الصَّلَاحِ وَالزَّهَادَةِ، وَقَدْ وَرَدَ هَذَا التَّعْبِيرُ عَلَى لِسَانِ الحَافِظِ السُّيُوطِيِّ، وَالإِمَامِ الكَتَّاني - رحمهما الله - (٢).

أَمَّا شَوَاهِدُ عِبَادَتِهِ وَتَذَلُّلِهِ للهِ ﷿ فَكَثِيرَةٌ، حَكَاهَا مَنْ عَاشَرَهُ ، وَشَارَكَهُ الرِّحْلَةَ، فَذَكَرُوا مِنْ ذَلِكَ حِرْصَهُ عَلَى النَّوَافِلِ وَقِيَامِ اللَّيْلِ، وَلَهَجَهُ بِالدُّعَاءِ، وَاشْتِغَالَهُ بِالذِّكْرِ، وَمُحَافَظَتَهُ عَلَى الطَّهَارَةِ الَّتِي هِيَ عُنْوَانٌ عَلَى كَمَالِ الإِيمَانِ.

وَهَا هُوَ يُعَدِّدُ جُمْلَةً مِنَ الآدَابِ الْمَرْعِيَّةِ الَّتِي تُمَيِّزُ أَهْلَ السُّنَّةِ - الَّذِينَ حَقَّقُوا هَذِهِ الفَضَائِلَ فِقْهًا وَعِلْمًا، وَالْتَزَمُوا بِهَا هَدْيًا وَعَمَلًا؛ فَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا - عَلَى عَادَةِ كِبَارِ الأَئِمَّةِ الَّذِينَ يَخْتِمُونَ كُتُبَ الاعْتِقَادِ بِذِكْرِ الأَخْلَاقِ الحَسَنَةِ، وَالصِّفَاتِ الحَمِيدَةِ الَّتِي يَتَّصِفُ بِهَا أَهْلُ الحَدِيثِ وَالسُّنَّةِ، فَيَقُولُ : "وَمِنْ مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ التَّوَرُّعُ فِي الْمَآكِلِ وَالمَشَارِبِ وَالْمَنَاكِحِ، وَالتَّحَرُّزُ مِنَ الْفَوَاحِشِ وَالقَبَائِحِ، وَالتَّحْرِيضُ عَلَى التَّحَابِّ فِي اللهِ ﷿، وَاتِّقَاءُ الجِدَالِ وَالمُنَازَعَةِ فِي أُصُولِ الدِّينِ، وَمُجَانَبَةُ أَهْلِ الأَهْوَاءِ وَالضَّلَالَةِ، وَهَجْرُهُمْ وَمُبَايَنَتُهُمْ، وَالْقِيَامُ بِوَفَاءِ العَهْدِ وَالأَمَانَةِ، وَالخُرُوجُ مِنَ المَظَالِمِ وَالتَّبِعَاتِ، وَغَضُّ الطَّرْفِ عَنِ الرَّيبَةِ وَالحُرُمَاتِ، وَمَنْعُ النَّفْس عَنِ الشَّهَوَاتِ، وَتَرْكُ شَهَادَةِ الزُّورِ وَقَذْفِ المُحْصَنَاتِ، وَإِمْسَاكُ اللِّسَانِ عَنِ الغِيبَةِ وَالبُهْتَانِ، وَالفُضُولِ مِنَ الكَلَامِ، وَكَظْمُ الغَيْظِ، وَالصَّفْحُ


(١) تاريخ الإسلام للذهبي (١١/ ٦٢٥).
(٢) طبقات المفسرين للسيوطي (ص: ٤٦٤)، والرسالة المستطرفة للكتاني (ص: ٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>