للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الخَطَّابِيُّ (١): مَعْنَى هَذَا أَنَّ هَذَا الكَافِرَ مُبَاحُ الدَّمِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ كَلِمَةَ التَّوْحِيدِ، فَإِذَا قَالَهَا حُقِنَ دَمُهُ، فَصَارَ مَحْظُورَ الدَّمِ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْلِمِ الَّذِي قُطِعَتْ يَدُهُ، فَإِنْ قَتَلَهُ الْمُسْلِمُ بَعْدَ ذَلِكَ؛ صَارَ دَمُهُ مُبَاحًا بِحَقِّ القِصَاصِ بِمَنْزِلَةِ دَمِ الكَافِرِ بِحَقِّ الدِّيْنِ، وَلَمْ يُرِدْ بِقَوْلِهِ: (إِنَّكَ بِمَنْزِلَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ كَلِمَتَهُ الَّتِي قَالَ) إِلْحَاقًا بِهِ بِحُكْمِهِ فِي الكُفْرِ عَلَى مَا تَأَوَّلَهُ الخَوَارِجُ، وَمَنْ يُكَفِّرُ الْمُسْلِمَ بِالكَبِيرَةِ.

وَفِي حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: (وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ الأُولَى - يَعْنِي مَقْتَلَ عُثْمَانَ فَلَمْ يَبْقَ مِنْ أَصْحَابِ بَدْرٍ أَحَدٌ، ثُمَّ وَقَعَتِ الثَّانِيَةُ - يَعْنِي الْحَرَّةَ - فَلَمْ يَبْقَ مِنْ أَصْحَابِ الْحُدَيْبِيَّةِ أَحَدٌ، ووَقَعَتِ الثَّالِثَةُ فَلَمْ تَرْتَفِعُ وَفِي النَّاسِ طَبَاخٌ) (٢)، أَيْ: خَيْرٌ.

وَأَصْلُ الطَّبَاحَ: القُوَّةُ والسِّمَنُ، ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي (٣) غَيْرِهِمَا، يُقَالُ: فُلَانٌ لَا طَبَاخَ لَهُ، أَيْ: لَا عَقْلَ لَهُ، وَلَا خَيْرَ عِنْدَهُ، قَالَ (٤): [مِنَ الْبَسِيط]

الْمَالُ يَغْشَى رِجَالًا لَا طَبَاخَ لَهُمْ … كَالسَّيْلِ يَغْشَى أُصُولَ الدَّنْدَنِ البَالِي


(١) ينظر: أعلام الحديث للخطابي (٣/ ١٧١٣).
(٢) عَلَّقَه البخاريُّ في هذا الموطن عن الليث بن سعد عن يحيى بن سَعِيد عن سَعيد بن المسَيّب به، ولفظه: (فَلَمْ تَرْتَفِعْ لِلنَّاسِ طَبَاخٌ).
ووَصَلَه: مالِكٌ في الموطَّأ - رواية محمَّد بن الحَسَن (٣/ ٥٠٢)، وعبدُ الرَّزَّاقِ فِي الْمُصنَّف (١١/ ٣٥٨)، ومن طريقه الحاكم في المستدرك (٤/ ٤٤٧)، وأحمد في العلل ومعرفة الرِّجال رواية عبد الله - (٣/ ٩٢)، والدَّارقطني في غَرائب مَالك، كما قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (٧/ ٣٢٥) من طرق عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيِّب به.
وصحَّحَ إِسْنَادَهُ الحافِظُ في فَتْح الباري (٧/ ٣٢٥).
(٣) في المخطوط (شيئًا)، والتصويب من غريب الحديث للخطابي (٣/ ٤١).
(٤) البيت لحسَّان بن ثَابت كما في ديوانه (١/ ٣١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>