للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ أَصْحَابُ الْمَغَازِي (١): وَقَدْ كَانَ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ لِأَصْحَابِ اللِّوَاءِ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ: إِنَّكُمْ يَا بَنِي عَبْدِ الدَّارِ قَدْ وَلَّيْتُمْ لِوَاءَنَا يَوْمَ [بَدْرٍ] (٢) فَأَصَابَنَا مَا قَدْ رَأَيْتُمْ، وَإِنَّمَا يُؤْتَى النَّاسُ مِنْ قِبَلِ رَايَاتِهِمْ، إِذَا زَالَتْ زَالُوا، فَإِمَّا أَنْ تَكْفُونَا لِوَاءَنَا، وَإِمَّا أَنْ تُخَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ فَنَكْفِيكُمُوهُ، قَالُوا: سَتَعْلَمُ غَدًا إِذَا الْتَقَيْنَا كَيْفَ نَصْنَعُ.

قَالَ: ثُمَّ اقْتَتَلَ النَّاسُ حَتَّى حَمِيَتِ الحَرْبُ، وَقَاتَلَ أَبُو دُجَانَةَ حَتَّى أَمْعَنَ فِي النَّاسِ، وَحَمْزَةُ بنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَعَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ فِي رِجَالٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى نَصْرَهُ، وَصَدَقَهُمْ وَعْدَهُ فَهَزَمُوهُمْ.

قَالَ ابن الزُّبَيْرِ : لَقَدْ رَأَيْتُنِي أَنْظُرُ إِلَى خَدَمِ هِنْدِ بِنْتِ عُتْبَةَ، وَصَوَاحِبُهَا مُشَمِّرَاتٌ هَوَارِبُ، مَا دُونَ أَخْذِهِنَّ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ، إِذْ مَالَتِ الرُّمَاةُ إِلَى الْمُعَسْكَرِ، حِينَ كَشَفْنَا القَوْمَ عَنْهُ، يُرِيدُونَ النَّهْبَ، وَخَلَّوْا ظُهُورَنَا لِلْخَيْلِ فَأُتِيْنَا مِنْ أَدْبَارِنَا، وَصَرَخ صَارِخٌ: أَلَا إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ، [فَانْكَفَأْنَا] (٣) وَانْكَفَأَ عَلَيْنَا القَوْمُ، بَعْدَ أَنْ أَصَبْنَا أَصْحَابَ اللِّوَاءِ.

قَالُوا: وَلَمْ يَزَلِ اللِّوَاءُ صَرِيعًا حَتَّى أَخَذَتْهُ عَمْرَةُ بِنْتُ عَلْقَمَةَ، وَكَانَ اللِّوَاءُ مَعَ صُؤَابٍ، غُلَامٍ لِبَنِي أَبِي طَلْحَةَ حَبَشِيٍّ.

قَالُوا: وَانْكَشَفَ الْمُسْلِمُونَ، فَأَصَابَ فِيهِمُ العَدُوُّ، وَكَانَ يَوْمَ بَلَاءٍ وَتَمْحِيصٍ، أَكْرَمَ اللهُ تَعَالَى فِيهِ مَنْ أَكْرَمَ بِالشَّهَادَةِ، وَخَلَصَ العَدُوُّ إِلَى رَسُولِ اللهِ ،


(١) ينظر: سيرة ابن هشام: (٤/ ١٤).
(٢) سَاقِطةٌ من المخطوط، والاسْتِدْرَاكُ مِن المصدر السابق.
(٣) زيادة من سيرة ابن هشام (٤/ ٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>