للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفُرْسِ - تَوَعَّدَ أَنْ يُجْلِيَ الفُرْسَ مِنَ اليَمَنِ فَتَجَرَّدَ لَهُ فَيْرُوزُ بنُ الدَّيْلَمِيِّ، وَقَيْسُ بنُ مَكْشُوحٍ الْمُرَادِيُّ، وَدَاذَوَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الأَبْنَاءِ، فَجَاءَ فَيْرُوزُ إِلَى الْمَرْأَةِ، فَكَلَّمَهَا فِي أَمْرِ الأَسْوَدِ، وَقَالَ لَهَا: إِنَّهُ أَرَادَ بِقَوْمِكَ مِنَ الشَّرِّ مَا قَدْ تَرَيْنَ، فَقَالَتْ: سَأَحْتَالُ لَهُ، فَبَعَثَتْ إِلَى فَيْرُوز: أَنِّي سَأَحْفِرُ لَكُمْ فِي البُسْتَانِ سِرْبًا إِلَى البَيْتِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ، فَحَفَرَتْ، قَالَ فَيْرُوزُ: فَجِئْتُ أَنَا وَدَاذَوَيْهِ، وَقَيْسُ بنُ مَكْشُوحٍ، فَلَمَا قُمْنَا عَلَى السِّرْبِ قَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ: أَيُّكُمْ يَدْخُلُ عَلَيْهِ؟ قَالَ دَاذَوَيْهِ: إِنِّي شَيْخٌ كَبِيرٌ أَخَافُ إِنْ ضَرَبْتُهُ لَا تُغْنِي ضَرْبَتِي شَيْئًا، وَقَالَ قَيْسٌ: إِنِّي رَجُلٌ تَأْخُذُنِي رِعْدَةٌ عِنْدَ الحَرْب، فَأَخَافُ إِنْ ضَرَبْتُهُ لَا تُغْنِي ضَرْبَتِي شَيْئًا.

قَالَ فَيْرُوزُ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وَكُنْتُ أَشَبَّ القَوْمِ، فَإِذَا هُوَ نَائِمٌ عَلَى حَشَايَا مِنْ رِيش، وَالْمَرْأَةُ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَأَشَرْتُ إِلَيْهَا أَيْنَ رَأْسُهُ؟ فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ، فَكَأَنَّمَا أَتَاهُ شَيْطَانٌ فَأَيْقَظَهُ، فَإِذَا عَيْنَاهُ تَبِصَّانِ، فَأَخَذْتُ بِرَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ، وَكُنْتُ رَجُلًا قَوِيًّا، فَكَسَرْتُ عُنُقَهُ، ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى أَصْحَابِي فَأَخْبَرْتُهُمْ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ قَيْسُ بْنُ مَكْشُوحٍ بِالسَّيْفِ، فَاحْتَزَ رَأْسَهُ فَأَلْقَاهُ بَيْنَ النَّاسِ، وَقَامَ قَيْسٌ فَأَذَّنَ بِالصَّلَاةِ (١).

وَكَانَ قَدِ اتَّبَعَ العَنْسِيَّ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ صَنْعَاءَ.

قَالَ يَعْقُوبُ بنُ عُتْبَةَ: وَقَدِمَ فَيَرُوزُ عَلَى عُمَرَ بن الخَطَّابِ فِي خِلَافَتِهِ فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ قَتَلْتَ العَنْسِيَّ أَمْ قَيْسَ بنَ مَكْشُوحٍ؟ قَالَ: أَنَا وَاللَّهِ قَتَلْتُهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، دَخَلْتُ عَلَى الرَّجُلِ وَهُوَ نَائِمٌ وَقَدْ ثَمِلَ مِنَ الخَمْرِ، وَلَيْسَ مَعِي السَّيْفُ،


(١) كذا هنا، والَّذِي في تاريخ الطبري (٢/ ٢٥٢) أَنَّ الَّذِي احتزَّ رَأْسَه هُو فَيْرُوزُ نَفْسُه، وينظر: تاريخ دمشق لابن عساكر في اخْتِلاف هَؤلاء الثَّلاثَة أَيُّهُم قتل العَنْسي (٤٩/ ٤٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>