للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِي (١): إِذَا قَالَ لاِمْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، وَنَوَى بِهِ الطَّلَاقَ، فَهُوَ طَلَاقٌ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ التَّحْرِيمَ بِالطَّلَاقِ، [وَإِنْ نَوَى بِهِ الطَّهَارَ فَهُوَ ظهَارٌ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ التَّحْرِيمَ بِالظَّهَارِ، وَلَا يَكُونُ ظِهَارًا وَلَا طَلَاقًا مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ؛ لأَنَّهُ لَيْسَ بِصَرِيحٍ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ نَوَى تَحْرِيمَ] (٢) عَيْنِهَا [لَمْ تَحْرُمْ] (٣) لِمَا رَوَى سَعِيدُ بنُ جُبَيْرٍ قَالَ: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ، فَقَالَ: إِنِّي جَعَلْتُ امْرَأَتِي عَلَيَّ حَرَامًا، فَقَالَ: كَذَبْتَ، لَيْسَتْ عَلَيْكَ بِحَرَامٍ، ثُمَّ تَلَا: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾ (٤)) (٥)، وَيَجِبُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، لِأَنَّ النَّبِيَّ حَرَّمَ مَارِيَةَ، فَأَنْزَلَ اللهُ الآيَةَ: ﴿قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ﴾ (٦).


= وينظر: تغليق التعليق لابن حجر (٤/ ٤٣٨).
(١) ينظر: المهذَّب للشَّيرازي (٢/ ٨٣)، وبحر المذهب للروياني (١٠/ ٦٧)، ومغني المحتاج للشربيني (٣/ ٢٨٣).
(٢) زيادة من المهذَّب للشيرازي (٣/ ١٢) يَسْتَقِيم بها الكلام.
(٣) في المخطوط: (وإن نوى تحريم)، والمثبتُ من المهَذَّب للشيرازي (٣/ ١٢).
(٤) سورة التحريم، الآية: (١).
(٥) أخرجه النَّسائي رقم: (٣٤٢٠)، وابن المنذر في الأوسط - طبعة دار الفلاح - (٩/ ١٩١ - ١٩٢)، وأبو عوانة في المستخرج (٣/ ١٥٨)، والدارقطني في سننه (٤/ ٤٣)، والحاكم في المستدرك (٢/ ٥٣٦)، والبيهقي في الكبرى (٧/ ٣٥٠)، وعزاه في الدُّرِّ المَنْثُور (٨/ ٢١٨) إلى الطبراني وابن مردويه من طرق عن سَعيد بن جُبَيرٍ عن ابن عَبَّاسٍ به.
قال الحاكم: "صحيحٌ على شرطِ البخاريِّ، ولم يُخرجاه". وقال الذهبي: عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.
(٦) سورة التحريم، الآية: (٢).
قال ابن المنذر في الأوسط (٩/ ١٩٥) مطبعة دار الفلاح: "وقد ظَنَّ بعضُ النَّاسِ أَنَّ قَوْلَهُ جَلَّ ذِكْرُه ﴿قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ﴾ أَنَّ النَّبِيَّ إِنَّما حَرَّمَ على نَفْسِه مارِيَة، وليس ذاك كذلك، إِنَّما حَرَّمَ على نَفْسِه شُربَةً مِن عَسلٍ كان شَرِبها عندَ بَعض نِسَائه، وحَلَفَ معَ ذَلِك".

<<  <  ج: ص:  >  >>