للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ (١)، وَالخِدْمَةُ مِنَ الْمَعْهُودِ الْمَعْرُوفِ، وَلِقَوْلِ النَّبِيِّ لِهِنْدٍ: (خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالمَعْرُوفِ)، وَكَانَ الخَادِمُ مِنَ الْمَعْرُوفِ.

وَلِأَنَّهُ مَلَكَ مِنْهَا الاِسْتِمْتَاعَ الكَامِلَ فَلَزِمَهُ لَهَا الكِفَايَةُ الكَامِلَةُ.

فَأَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ مِثْلُهَا مَخْدُومًا لِقِيَامِهَا بِخِدْمَةِ نَفْسِهَا لَمْ تَلْزَمْهُ نَفَقَةُ خَادِمِهَا، لِأَنَّهُ خَارِجٌ مِنْ جُمْلَةِ الْمَعْرُوفِ المَأْمُورِ بِهِ فِي حَقِّهَا، وَالاِعْتِبَارُ: العُرْفُ، فَذَوُا الأَقْدَارِ يَخْدُمُهُمْ غَيْرُهُمْ، وَمَنِ انْخَفَضَ قَدْرُهُ خَدَمَ نَفْسَهُ.

وَقِيلَ: الاِعْتِبَارُ بِعُرْفِ البِلَادِ، فَإِنَّ عَادَةَ أَهْلِ الأَمْصَارِ أَنْ يَسْتَخْدِمُوا وَلَا يَخْدِمُوا، وَعَادَةُ أَهْلِ السَّوَادِ أَنْ يَخْدِمُوا وَلَا يَسْتَخْدِمُوا، فَإِنْ كَانَتِ الزَّوْجَةُ مِمَّنْ يُخْدَمُ مِثْلُهَا لِأَنَّهَا مِنْ ذَوِي الأَقْدَارِ، وَسُكَّانِ الأَمْصَارِ لَزِمَهُ نَفَقَةُ خَادِمِهَا، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ يُخْدَمُ مِثْلُهَا فَتَبَذَّلَتْ فِي الخِدْمَةِ لَزِمَهُ نَفَقَةُ خَادِمِهَا، وَلَا يَلْزَمُهُ لَهَا نَفَقَةٌ أَكْثَرُ مِنْ خَادِمٍ وَاحِدٍ.

* * *

* حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ: (خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الإِبِلَ نِسَاءُ قُرَيْشٍ، أَحْنَاهُ عَلَى وَلَدٍ فِي صِغَرِهِ، وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ) (٢).

قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ (٣): الحَنْوُ: العَطْفُ وَالشَّفَقَةُ.


(١) سورة النساء، الآية: (١٩).
(٢) حديث رقم: (٥٣٦٥).
(٣) ينظر: العين للخليل (٣/ ٣٠٢)، تهذيب اللغة للأزهري (٥/ ١٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>