للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُعْسِرًا تَقَدَّرَتْ بِمُدٍّ، وَإِنْ كَانَ مُتَوَسِّطًا تَقَدَّرَتْ بِمُدٍّ وَنِصْفٍ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (١) وَمَالِكٌ (٢): هِيَ مُعْتَبَرَةٌ بِكِفَايَتِهَا، وَلَا اعْتِبَارَ بِيَسَارِ الزَّوْجِ وَإِعْسَارِهِ، اسْتِدْلَالًا بِمَا رُوِيَ: (خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ) (٣)، فَأَذِنَ لَهَا فِي أَخْذِ كِفَايَتِهَا، وَجَمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَلَدِهَا، وَنَفَقَهُ وَلَدِهَا مُعْتَبَرَةٌ بِالكِفَايَةِ، وَهُوَ لَا يَأْذَنُ لَهَا إِلَّا فِيمَا تَسْتَحِقُّ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الكِفَايَةَ هِيَ القَدْرُ المُسْتَحَقُّ، وَلِأَنَّهَا جِهَةٌ تَسْتَحِقُّ بِهَا النَّفَقَةَ، فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ مُعَتَبَرَةً بِالكِفَايَةِ، كَالنَّسَبِ وَالمِلْكِ، لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ النَّفَقَةِ يَكُونُ بِنَسَبٍ وَزَوْجِيَّةٍ وَمِلْكٍ، فَلَمَّا كَانَ مُعْتَبَرًا بِالْكِفَايَةِ فِي الوَجْهَيْنِ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُعْتَبَرًا فِي الوَجْهِ الآخَرِ.

وَدَلِيلُنَا: قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ﴾ (٤) الآيَةَ، فَدَلَّتْ عَلَى اعْتِبَارِ النَّفَقَةِ بِالزَّوْجِ، وَاخْتِلَافِهَا بِيَسَارِهِ وَإِعْسَارِهِ، وَلِأَنَّ اعْتِبَارَهَا بِالْكِفَايَةِ يُفْضِي إِلَى التَّنَازُع فِي قَدْرِهَا، فَكَانَ تَقْدِيرُهَا بِالشَّرْعِ حَسْمًا لِلتَّنَازُعِ فِيهِ أَوْلَى كَدِيَةِ الجَنِينِ.

وَالجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ هِنْدٍ: هُوَ أَنَّ النَّبِيَّ أَذِنَ لَهَا أَنْ تَأْخُذُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالْمَعْرُوفُ أَنْ لَا تَأْخُذَ فِي الإِعْسَارِ مَا تَأْخُذُهُ فِي اليَسَارِ.

وَأَمَّا [صِفَةُ] (٥) جِنْسِ النَّفَقَةِ: فَهُوَ الحَبُّ مِنَ البُرِّ، أَوِ الشَّعِيرِ، أَوِ الأَرُزِّ، أَوِ الذُّرَةِ، دُونَ الدَّقِيقِ وَالخُبْزِ وَإِنْ كَانَ لَا يُقْتَاتُ إِلَّا بَعْدَ طَحْنِهِ وَخَبْزِهِ، لِأَنَّ الحَبَّ


(١) ينظر: مختصر الطحاوي (ص: ٢٢٣)، الهداية للمرغيناني (٢/ ٣٢٠).
(٢) ينظر: المدونة (٢/ ١٩٤)، الرسالة لابن أبي زيد (ص: ٢٠٥)، والكافي لابن عبد البر (ص: ٢٥٥).
(٣) تقدَّم تَخْرِيجُه، وهُو عِنْدَ البُخَارِيّ (رقم: ٥٣٦٤).
(٤) سورة الطلاق، الآية: (٠٧).
(٥) في المخطوط: (صنفه)، والمثبت من الحاوي الكبير للماوري (١١/ ٤٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>