أَرَدْتُ أنْ أَبِيعَهُ مِنَ أَحدِ الصَّوَّاغِينَ، فَأَسْتَغْنِيَ بِهِ فِي وَلِيمَةٍ عُرْسِي، فَبَيْنَا أَنَا أَجْمَعُ لِشَارِفَيَّ مَتَاعًا مِنَ الأَقْتَابِ وَالْغَرَائِرِ وَالْحِبَالِ، وَشَارِفَايَ مُنَاخَتَانِ إِلَى جَنْبِ حُجْرَةِ رَجُلٍ مِنَ الأنْصَارِ، فَرَجَعْتُ حِينَ جَمَعْتُ مَا جَمَعْتُ، فَإِذَا شَارِفَايَ قَدْ اجْتَبَتْ أَسْنِمَتُهُمَا، وَبُقِرَتْ خَوَاصِرُهُمَا، وَأُخِذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا، فَلَمْ أَمْلِكْ عَيْنَيَّ حِينَ رَأَيْتُ الْمَنْظَر مِنْهُمَا، فَقُلْتُ: مَنْ فَعَلَ هَذَا؟ قَالُوا: حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَعَلَهُ، وَهُوَ فِي هَذَا الْبَيْتِ فِي شَرْبٍ مِنَ الْأَنْصَار، غَنَّتْهُ قَيْنَةٌ وَأَصْحَابَهُ، فَقَالَتْ فِي غِنَائِهَا: [مِن الوَافِر]
أَلَا يَا حَمْزُ لِلشُّرُفِ النِّوَيُّ * … ... ...... ......
فَقَامَ حَمْزَةُ بالسَّيْفِ، فَاجْتَبَّ أَسْنِمَتَهَا، وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا، وَأَخَذَ مِنْ أَكْبَادِهَما، فَقَالَ عَلِيٌّ ﵁: فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَعِنْدَهُ زَيْدُ بن حَارِثَةَ، قَالَ: فَعَرَفَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي وَجْهِي الَّذِي لَقِيتُ، فَقَالَ: مَا لَكَ؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا رَأَيْتُ كَاليَوْمِ، عَدَا حَمْزَةُ عَلَى نَاقَتَيَّ، فَاجْتَبَّ أَسْنِمَتَهَا، وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُما، وَهَا هُوَ ذَا فِي بَيْتٍ معَهُ شَرْبٌ، قَالَ: فَدَعَا رَسُولُ اللهِ ﷺ بِرِدَائِهِ فَارْتَدَى، ثُمَّ انْطَلَقَ يَمْشِي، وَاتَّبَعْتُهُ أَنَا وَزَيْدُ بنُ حَارِثَةَ حَتَّى جَاءَ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ حَمْزَةُ، فَاسْتَأْذَنَ فَأُذِنُوا لَهُ، فَإِذَا هُمْ شُرْبٌ، فَطَفِقَ النَّبِيُّ ﷺ يَلُومُ حَمْزَةَ فِيمَا فَعَلَ، فَإِذَا حَمْزَةُ مُحْمَرَّةٌ عَيْنَاهُ، فَنَظَرَ حَمْزَةُ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ، فَنَظَرَ فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ حَمْزَةُ: هَلْ أَنْتُمْ إِلَّا عَبِيدٌ لِأَبِي، فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ ثَمِلٌ، فَنَكَصَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلَى عَقِبَيْهِ القَهْقَرَى، وَخَرَجَ، وَخَرَجْنَا).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute