للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اخْتَلَفَ الفُقَهَاءُ فِي أَوَّلِ وَقْتِ الأُضْحِيَّةِ:

فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ (١) أَنَّ وَقْتَهَا فِي الأَمْصَارِ وَالقُرَى وَاحِدٌ، وَهُوَ مُعْتَبَرٌ بِوَقْتِ الصَّلَاةِ لَا بِفِعْلِهَا، فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ وَارْتَفَعَتْ حَتَّى خَرَجَتْ عَنِ كَرَاهَةِ التَّنَفُّلِ بِالصَّلَاةِ، وَمَضَى بَعْدَ ذَلِكَ قَدْرُ رَكْعَتَيْنِ وَخُطْبَتَيْنِ دَخَلَ وَقْتُ النَّحْرِ، وَجَازَ ذَبْحُ الأُضْحِيَّةِ فِيهِ، سَوَاءٌ صَلَّى إِمَامُ الْمِصْرِ أَوْ لَمْ يُصَلِّ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (٢): هُوَ مُعْتَبَرٌ فِي الأَمْصَارِ بِصَلَاةِ الأَئِمَّةِ فِيهَا، وَفِي القُرَى وَالأَسْفَارِ مُعْتَبَرٌ بِطُلُوعِ الفَجْرِ، فَإِنْ [ضَحَّى] (٣) أَهْلُ الأَمْصَارِ قَبْلَ صَلَاةِ الأَئِمَّةِ كَانَتْ شَاةَ لَحْمٍ، وَلَمْ تَكُنْ أُضْحِيَةً.

وَقَالَ مَالِكٌ (٤): إِنَّهُ فِي الأَمْصَارِ مُعْتَبَرٌ بِصَلَاةِ الإِمَامِ وَنَحْرِهِ، وَفِي القُرَى وَالأَسْفَارِ مُعْتَبَرٌ بِصَلَاةِ الأَئِمَّةِ فِي أَقْرَبِ البِلَادِ إِلَيْهِمْ.

وَاسْتَدَلَّ مَنْ ذَهَبَ إِلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ بِرِوَايَةِ البَرَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: (لَا ذَبْحَ قَبْلَ صَلَاةِ الإِمَامِ) (٥).


(١) ينظر: الحاوي الكبير للماوردي (١٥/ ٨٥)، بحر المذهب للروياني (٤/ ١٨٢)، روضة الطالبين للنووي (٣/ ١٩٩).
(٢) ينظر مختصر الطحاوي (ص: ٣٠١)، وحاشية ابن عابدين (٦/ ٣١٨).
(٣) في المخطوط: (صَلَّى)، وهو غلطٌ، ووالمثبت من الحاوي الكبير للماوردي (١٥/ ٨٥)، وهو الصواب الذي يقتضيه سياق الكلام.
(٤) ينظر: المدونة (٢/ ٦٩)، الكافي لابن عبد البر (ص: ١٧٦). عقد الجواهر الثمينة لابن شاس (١/ ٥٦٢).
(٥) لم أقِفْ عَلى هذه الرواية من حديث البراء بهذا اللفظ، وقد أخرجه البخاري (رقم: ٥٥٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>