للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَقُولُ: وَارَأْسَاهُ، فَقَالَ: بَلْ أَنَا وَارَأَسَاهُ) (١)، أَيْ لَا بَأْسَ عَلَيْكِ مِمَّا تَجِدِينَ، أَيْ: إِنَّكِ لَا تَمُوتِينَ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ، لَكِنِّي أَنَا الَّذِي أَمُوتُ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ ثُمَّ قَالَ: (وَمَا ضَرَّكِ لَوْ مِتِّ قَبْلِي، فَغَسَّلْتُكِ وَكَفَّنْتُكِ، ثُمَّ صَلَّيْتُ عَلَيْكِ وَدَفَنْتُكِ).

فِي هَذَا الحَدِيثِ دَلِيلٌ أَنَّهُ يَجُوزُ (٢) لِلزَّوْجِ أَنْ يُغَسِّلَ زَوْجَتَهُ.

وَقَوْلُهَا: (لَظَلِلْتَ آخِرَ يَوْمِكَ مُعْرِسًا بِبَعْضٍ نِسَائِكَ)، يُقَالُ: أَعْرَسَ فُلَانٌ بِأَهْلِهِ، أَيْ: بَنَى بِهَا وَغَشِيَهَا، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ: (مُعَرِّسًا) بِالتَّشْدِيدِ.

وَفِيهِ دَلِيلٌ أَنَّهُ مَنِ اشْتَكَى عُضُوا مِنْهُ جَازَ أَنْ يَتَأَوَّهَ مِنْهُ، وَأَنْ يَذْكُرَهُ إِذَا عَجَزَ عَنْ حَمْلِهِ.

وَفِي الحَدِيثِ: دَلِيلٌ أَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يَدْخُلَ قَبْرَ زَوْجَتِهِ، وَيَتَوَلَّى رَكْنَهَا.

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ غَسْلِ الْمَيِّتِ، وَتَكْفِينِهِ، وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَدَفْنِهِ.

وَدَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الكَفَنِ عَلَى الزَّوْجِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ أَرَادَ تَكْفِينَهَا مِنْ


(١) أخرجه أحمد في المسند (٦/ ٢٢٨)، والدارمي في السنن (١/ ٥١)، والنسائي في السنن الكبرى (٤/ ٢٥٢)، وأبو يعلى الموصلي في المسند (٨/ ٥٦)، وابن حبان في صحيحه كما في الإحسان (١٤/ ٥٥١)، والبيهقي في الكبرى (٣/ ٣٩٦)، من طرقٍ عن ابن إِسْحاق عن يَعْقُوب بن عُتْبة عن الزُّهري عن عُبَيد الله عن عائشة به.
ومدارُه على محمد بن إسحاق الْمَدَني، قال البيهقي في الكبرى (٩/ ٨٧): "الحُفَّاظُ يَتوقَّونَ مَا ينفَرِدُ به"، وقال ابن الملقِّن في البدر المنير (٥/ ٢٠٧ - ٢٠٨): "وفيه: عنعَنة ابن إسحاق".
قلتُ: لَمْ يَنْفَرد به ابن إِسْحَاق، بلْ تَابَعَهُ عَلَيْهِ صَالِحُ بنُ كَيْسَان - وهو ثِقَةٌ ثَبْتٌ -: أخرجه أحمد في المسند (٦/ ١٤٤)، والنسائي في الكبرى (٤/ ٢٥٣) عن الزهري عن عُرْوَة عَن عَائِشَة به مِثْله.
وينظر: البدر المنير لابن الملقن (٥/ ٢٠٧ - ٢٠٨).
(٢) في المخطوط: (لا يجوز)، وهو غلط.

<<  <  ج: ص:  >  >>