للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا صِفَاتُهُ: فَمَا كَانَ صِفَاتِ الذَّاتِ؛ كَقَوْلِهِ: وَقُدْرَةِ اللهِ، وَعَظَمَةِ اللهِ، وَعِزَّةِ اللهِ، وَجَلَالِ اللهِ، فَهَذِهِ الصِّفَاتُ تَجْرِي مَجْرَى الْمَوْصُوفِ فِي انْعِقَادِ اليَمِينِ بِهَا وَفِي وُجُوبِ الكَفَّارَةِ فِيهَا.

فَأَمَّا إِذَا حَلَفَ بِعِلْمِ اللهِ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (١): لَمْ يَكُنْ يَمِينًا، فَأَجْرَاهَا مُجْرَى مَعْلُومِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ الفَرْقَ بَيْنَ العِلْمِ وَالْمَعْلُومِ: أَنَّ الْمَعْلُومَ مُنْفَصِلٌ عَنْ ذَاتِهِ، وَالعِلْمَ مُتَّصِلٌ بِهَا.

وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: وَأَمَانَةُ اللهِ؛ فَهِيَ عِنْدَ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ كَصِفَاتِ أَفْعَالِهِ (٢)، وَأَجْرَاهَا أَبُو حَنِيفَةَ مُجْرَى صِفَاتِ ذَاتِهِ (٣).

قَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ (٤): أَمَانَةُ اللهِ: فُرُوضُهُ الَّتِي أَمَرَ بِهَا عِبَادَهُ، قَالَ اللهُ


(١) ينظر: مختصر اختلاف العلماء (٣/ ٢٤٢)، مختصر الطحاوي (ص: ٣٠٥).
(٢) ينظر: مختصر المزني (ص: ٢٩٠)، الحاوي الكبير للماوردي (١٥/ ٢٦١).
(٣) ينظر: المبسوط للسرخسي (٨/ ٣٣)، ومختصر اختلاف العلماء (٣/ ٢٤٠).
الصِّفَاتُ الفِعلِيَّة: هي الَّتي تتعَلَّقُ بمشيئة الله وَإِرادتِه، أو هي الَّتي تنفكُّ عَنِ الذَّات كالاِسْتِواء، والنُّزول، والإِتيَانِ، وَالْمَجِيئ كما في مجموع الفتاوى لابن تيمية (٥/ ٤١٠) و (٦/ ٦٨).
ولا يُمْكِنُ عَدُّ الأَمانة مِنْ صفات الله تعالى، ولم يثبت في دليلٍ صحيح أنَّ مِنْ أَسماء الله الأمين، ولا أنَّ مِنْ صفاته الأمانة.
وأخرج أحمد في المسند (٥/ ٣٥٢)، وأبو داود (رقم: ٣٢٥٥)، وابن حبان في صحيحه كما في الإحسان (١٠/ ٢٠٥)، والحاكم في المستدرك (٤/ ٢٩٨) - وصَحَّحَه -، والبيهقي في الكبرى (١٠/ ٣) من حديثِ بُرَيْدَة قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ : (مَنْ حَلَفَ بِالأَمَانَةِ فَلَيْسَ مِنَّا).
ويُنظَر تحريرُ هذه المسألة في المحلَّى لابن حَزْمٍ (٨/ ٣٢)، ومُعْجَم المنَاهي الَّلفظيَّة لبكر أبو زيد (ص: ٣٣٣).
(٤) ينظر الحاوي الكبير للماوردي (١٥/ ٢٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>