للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَظَاهِرُهُ يُخَالِفُ الكِتَابَ، وَهُوَ قَوْلُهُ ﷿: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ (١).

قِيلَ (٢): قَصَدَ فِي ذَلِكَ الْمَصْلَحَةَ، وَلَوْ أَخَذَ قَاتِلَ الخَطَأَ [بِالدِّيَةِ] (٣) لأَوْشَكَ أَنْ يَأْتِيَ عَلَى جَمِيعِ مَالِهِ فَيَفْتَقِرَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ تَتَابُعَ الخَطَأ مِنْهُ غَيْرُ مَأْمُونٍ، وَلَوْ تُرِكَ الدَّمُ فَلَمْ يُعَوَّضْ عَنْهُ أَوْلَيَاءُ الْمَقْتُولِ لَصَارَ هَدْرًا، فَقِيلَ لِعَصَبَةِ القَاتِلِ: تَعَاوَنُوا وَتَرَافَدُوا فَأَدُّوا عَنْهُ الدِّيَةَ، وَلَمْ يُكَلِّفُوا مِنْهُ إِلَّا الشَّيْءَ اليَسِيرَ، الَّذِي لَا يُجْحِفُ بِهِمْ، [وَهُوَ] (٤) قَدْرُ: نِصْفِ دِينَارٍ، أَوْ رُبْعِ دِينَارٍ عَلَى حَسَبِ الوُسْعِ وَالجِدَةِ، وَقَدْ حُقِنَ (٥) الدَّمُ، وَكَانَ فِيهِ إِصْلَاحُ ذَاتِ البَيْنِ، ثُمَّ إِنَّ العَصَبَةَ قَدْ يَرِثُونَ صَاحِبَهُمُ الْمَالَ كُلَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ صَاحِبَ سِهَامٍ، وَالفَاضِلَ عَنْهُم مِنْهُ (٦) إِذَا كَانُوا، وَهَذَا عَلَى سَبِيلِ المَصْلَحَةِ.

وَ (فِكَاكُ الأَسِيرِ) نَوْعٌ مِنَ الْمَعُونَةِ، وَبَابٌ مِنْ حُقُوقِ الْمَعْرُوفِ زَائِدٌ عَلَى الحُقُوقِ الوَاجِبَةِ فِي الأَمْوَالِ مِنَ الصَّدَقَاتِ الْمَفْرُوضَةِ، فَأُلْحِقَ بِالعَقْلِ لأَنَّ سَبِيلَهُمَا وَاحِدٌ فِي إِنْقَاذِ النَّفْسِ الَّتِي قَدْ أَشْرَفَتْ عَلَى الهَلَكَةِ.

وَقَوْلُهُ: (وَأَنْ لَا يُقْتَلَ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ)، فَإِنَّمَا أَدْخَلَهُ فِي جُمْلَةِ مَا اسْتَثْنَاهُ مِنْ ظَاهِرِ القُرْآنِ، لِأَنَّ عُمُومَ الكِتَابِ يُوجِبُ القَوَدَ عَلَى كُلِّ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا مُسْلِمَةً


(١) سورة الأنعام، الآية: (١٦٤).
(٢) ينظر: أعلام الحديث للخطابي (٤/ ٢٣٠٩).
(٣) ساقِطة من المخطوط، والاستدْراكُ مِنَ المصْدَر السَّابق.
(٤) ساقطة من المخطوط، والاستدراك من المصدر السَّابِق.
(٥) في المخطوط: (وقد خُصَّ الدم)، والمثبت من أعلام الحديث للخطابي (٤/ ٢٣٠٩).
(٦) في المخطوط: (والفَاضِلَ عَليه إذَا كَانوا)، والْمُثْبَت من أعلام الحديث، وهو الصَّواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>