للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّرْعِيَّةِ، فَقَالَ عَنْهُ: "وَكَانَ وَالِدُهُ يَرْوِي عَنْهُ، وَدَرَسَ الفِقْهَ عَلَيْهِ" (١).

وَقَالَ كَحَالَةُ عِنْدِ ذِكْرِهِ: "فَاضِلٌ، لَهُ تَصَانِيفُ كَثِيرَةٌ" (٢).

وَهَذَا الثَّنَاءُ العَطِرُ مِنْ هَؤُلَاءِ الأَعْلَامِ يُؤَكِّدُ مَنْزِلَتَهُ العِلْمِيَّةَ الرَّفِيعَةَ، وَيَشْهَدُ لِعُلُوِّ كَعْبِهِ فِي العُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ وَالعَرَبِيَّةِ، وَيَقْطَعُ بِتَقَدُّمِ هَذَا الإِمَامِ وَرِيَاسَتِهِ، حَتَّى إِنَّهُ بَزَّ أَقْرَانَهُ، وَفَاقَ أَسْنَانَهُ، وَلَوْ كَتَبَ اللهُ لَهُ عُمُرًا أَطْوَلَ لَطَبَّقَتْ شُهْرَتُهُ الْآفَاقَ، وَلَسَارَ بِذِكْرِهِ النَّاسُ فِي كُلِّ الأَقْطَارِ.

وَقَدِ اشْتَهَرَ هَذَا الإِمَامُ العَلَمُ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ، عَلَى الرُّغْمِ مِنْ حَدَاثَةِ سِنِّهِ، وَلَهُ شِعْرُ غَزَلٍ أَوْرَدَهُ القَفْطِيُّ ، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ (٣): [مِنَ الطَّوِيلِ]

أَحَقًّا خَلِيلِي أَنْتَ أَوَّلُ نَاكِبٍ … عَنِ العَهْدِ تَجْفُونِي وَتَهْجُرُ جَانِبِي

أَتَرْضى خَلِيلِي أَنَّ قَلْبِي نُهْبَةً … تَعَاوَرَهَا أَيْدِي النَّوَى وَالنَّوَائِبِ

يَدُ الدَّهْرِ لَا صَحَّتْ رَمَتْنِي بِأَسْهُمٍ … نَسِيتُ لَهَا مَا فَوَّقَتْ بِالحَوَاجِبِ

وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا: [مِنَ الطَّوِيلِ]

هَوَى البِيضِ لَا يُجْدِي عَلَى المَرْءِ طَائِلًا … وَإِدْمَانُ شُرْبِ الرَّاحِ يَجْنِي الغَوَائِلَا

وَكَمْ تَبْتَغِي أَنْ تَعْدِلَ الدَّهْرَ دَائِبًا … وَدَهْرُكَ أَوْلَى أَنْ يَرَى لَكَ عَاذِلَا

وَمَا العُمْرُ وَالأَيَّامُ إِلَّا وَسَائِطًا … جُعِلْنَ إِلَى نَيْلِ المَعَالِي وَسَائِلَا


(١) طبقات الفقهاء الشافعيين (٢/ ٥٩٢ - ٥٩٣).
(٢) معجم المؤلفين لكحالة (٩/ ٦١ - ٦٢).
(٣) المحمَّدُونَ مِنَ الشُّعراء للقفطي (رقم: ٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>