للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّلَفِ قَلِيلٌ كَثِيرُ البَرَكَةِ، وَكَلَامَ الخَلَفِ كَثِيرٌ قَلِيلُ البَرَكَةِ (١).

وَمِنْ تَجَلِّيَاتِ الاخْتِصَارِ فِي صَنِيعِ الْمُصَنِّفِ أُمُورٌ مِنْهَا:

١ - لَمْ يَلْتَزِمُ إِيرَادَ تَرَاجِمِ أَبْوَابِ الجَامِعِ الصَّحِيحِ لِلْبُخَارِيِّ كَامِلَةً، بَلْ كَانَ يَقْتَصِرُ عَلَى طَرَفِ التَّرْجَمَةِ الدَّالِّ عَلَى بَقِيَّتِهَا غَالِبًا، وَفِي مَوَاطِنَ قَلِيلَةٍ جِدًّا كَانَ يُتِمُّ لَفْظَ التَّرْجَمَةِ.

ب - لَمْ يَتَعَرَّضِ المُصَنِّفُ لِأَسَانِيدِ أَحَادِيثِ الجَامِعِ الصَّحِيحِ، وَلَمْ يَتَعَرَّض لِأَحَدٍ مِنْ رِجَالِهِ الَّذِينَ تُكُلِّمَ فِيهِمْ، وَفِي ذَلِكَ إِشَارَةٌ مِنْهُ إِلَى تَلَقِّي جُمْلَةِ مَا فِي الصَّحِيحِ بِالقَبُولِ، وَأَنَّ رِجَالَهُ قَدْ جَازُوا القَنْطَرَةَ (٢).

كَمَا أَنَّهُ لَمْ يَصْرِفْ عِنَايَتَهُ لِذِكْرِ لَطَائِفِ الأَسَانِيدِ وَنَحْوِهَا مِمَّا شُغِفَ بِهِ الْمُتَأَخِّرُونَ.

ج - لَمْ يُثْبِتْ أَيْضًا مُتُونَ الأَحَادِيثِ الَّتِي يَشْرَحُهَا، بَلْ كَانَ يَقْتَصِرُ عَلَى ذِكْرِ أَطْرَافِهَا فَقَطْ، وَفِي بَعْضِ الأَحْيَانِ يَذْكُرُ عُنْوَانَ البَابَ، وَيَقْتَصِرُ عَلَى ذِكْرِ الصَّحَابِيِّ رَاوِي الحَدِيثِ فَقَطْ، وَتَارَةً أُخْرَى: لَا يَذْكُرُ اسْمَ الصَّحَابِيِّ وَلَا طَرَفَ الحَدِيثِ، وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ مُبَاشَرَةً إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يُرِيدُ شَرْحَهُ مِنَ الحَدِيثِ.


(١) للحافظ ابن رَجَبٍ الحنَبْلي رسالةٌ نافِعَةٌ في هَذا الْمَوْضُوع أَسْمَاهَا: "فَضْلُ عِلْمِ السَّلَفِ على الخَلَف" طبعت مرارا.
(٢) قال الحافظ ابن حجر في هُدَى السَّاري (ص: ٣٨٤): "وقَدْ كَانَ الشَّيخُ أَبُو الحَسَنِ الْمَقْدِسِيُّ يَقُولُ فِي الرَّجُلِ الَّذِي يخرج عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ: "هَذَا جَازَ القَنْطَرَة"، يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُلْتَفَتُ إِلَى مَا قِيلَ فِيهِ".

<<  <  ج: ص:  >  >>