للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى تَفْسِيرِ كَلَامِ رَسُولِ اللهِ بِغَيْرِ مُرَادِهِ، وَلَمْ يَنْهَضْ لَهُ إِلَّا طَائِفَةٌ مِنَ الحُذَّاقِ مِمَّنْ جَمَعُوا بَيْنَ شِقَّيْ الرِّوَايَةِ وَالدِّرَايَةِ، مَعَ المَعْرِفَةِ بِكَلَامِ العَرَبِ وَلَهَجَاتِهَا.

وَكَانَ الْمُصَنِّفُ قِوَامُ السُّنَّةِ أَبُو القَاسِمِ التَّيْمِيُّ أَحَدَ هَؤُلَاءِ؛ فَهُوَ إِمَامٌ بَارِعٌ فِي هَذَا الشَّأْنِ، أَهَّلَهُ لِذَلِكَ حِفْظُهُ لِلْأَحَادِيثِ، وَاطِّلَاعُهُ عَلَى المُتُونِ وَالأَسَانِيدِ، وَتَمَكُّنُهُ مِنَ العَرَبِيَّةِ الَّتِي بَرَزَ فِيهَا نَجْمُهُ كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَلِذَلِكَ أَثْنَى عَلَى كَلَامِهِ فِي هَذَا المَجَالِ العُلَمَاءُ، وَقَبِلُوا قَوْلَهُ فِيهِ، وَيَكْفِي لِلاسْتِدْلَالِ عَلَى هَذَا الكَلَامِ النَّظَرُ فِي كِتَابِ تِلْمِيذِهِ أَبِي مُوسَى المَدِينِي (ت: ٥٨١ هـ) الَّذِي ذَيَّلَ بِهِ عَلَى كِتَابِ "الغَرِيبَيْنِ" لِلْإِمَامِ أَبِي عُبَيْدٍ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الهَرَوِيِّ (ت: ٤٠١ هـ) ، فَقَدْ حَلَّاهُ بِنُقُولٍ وَافِرَةٍ، وَأَسْئِلَةٍ كَثِيرَةٍ كَانَ يَسْأَلُ عَنْهَا شَيْخَهُ أَبَا القَاسِمِ التَّيْمِيّ فِي شَرْح أَلْفَاظٍ غَرِيبَةٍ وَاقِعَةٍ فِي الأَحَادِيثِ (١).

بَلْ قَالَ أَبُو مُوسَى المَدِينِيُّ : "لَا أَعْلَمُ أَحَدًا فِي دِيَارِ الإِسْلَامِ يَصْلُحُ لِتَأْوِيلِ هَذَا الحَدِيثِ إِلَّا هَذَا الإِمَامُ: أَبُو القَاسِمِ إِسْمَاعِيلُ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ" (٢).

وَهَذِهِ شَهَادَةٌ مِنْ عَلَمٍ بَزَّ أَقْرَانَهُ فِي هَذَا الفَنِّ، وَشَهِدَ لَهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ فِيهِ بِالتَّقَدُّمِ وَحُسْنِ الوَضْعِ، وَجَوْدَةِ التَّصْنِيفِ.

وَلَقَدْ أُوتِيَ قِوَامُ السُّنَّةِ مَلَكَةً فِي شَرْحِ الغَرِيبِ، فَقَبِلَ العُلَمَاءُ كَلَامَهُ فِيهِ،


(١) ينظر مثلا: "المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث" لأبي موسى المديني: (١/ ١٣ و ٥٨ و ١٢٤ و ١٨٥ و ٢٢٦ و ٣٠٠ و ٣٦٧ و ٦٤٩ و ٧١١ و ٨١٧) و (٢/ ١٢١ و ١٥٧ و ٢٠٤ و ٣٨٦ و ٤٦٥ و ٥٣٣ و ٦٠٢ و ٧٥٩) و (٣/ ٧٩ و ١٠٣ و ٤١٥ و ٤٦٣ و ٥٣٥).
(٢) تاريخ الإسلام للذهبي (١١/ ٦٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>