وثانيها: ثَنَاءُ الأَئِمَّةِ عَلَيْهِ عُمُومًا، وَالْعَادَةُ الْمَعْلُومَةُ عِنْدَهُمْ أَلَّا يُطْلِقُوا أَلْقَابَ الثَّنَاءِ وَالإِمَامَةِ وَالتَّقَدُّم فِي العِلْمِ، إِلَّا عَلَى مَنْ عُرِفَ بِصِحَّةِ الْعَدَالَةِ، وَلُزُومِ الطَّرِيقَةِ الْمُثْلَى فِي بَاب أُصُولِ الدِّيَانَةِ.
وَثَالِثُهَا: مَدْحُ الْأَئِمَّةِ طريقتَهُ تَنْصِيصًا فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ الَّتِي نَقَلُوهَا عَنْهُ فِي تَفَارِيقِ مُصَنَّفَاتِهِمْ؛ فَهَا هُوَ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابن تَيْمِيَّةَ الحَرَّانِيُّ ﵀ يُثْنِي عَلَيْهِ فِي مَبْحَثِ مُهِمٍّ مِنْ مَبَاحِثِ الاِعْتِقَادِ، هُوَ مَبْحَثُ الإِيمَانِ، خَاصَّةً عِندَ كَلامِهِ عَنِ الْفَرْقِ بَيْنَ الإِسْلَامِ وَالإِيمَانِ فقال ﵀: "وَكَذَلِكَ ذَكَرَ أَبُو القَاسِمِ التَّيْمِيُّ الأَصْبَهَانِيُّ، وَابْنُهُ شَارِحُ مُسْلِمٍ، وَغَيْرُهُمَا أَنَّ الْمُخْتَارَ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّهُ لَا يُطْلَقُ عَلَى السَّارِقِ وَالزَّانِي اسْمُ مُؤْمِنٍ كَمَا دَلْ عَلَيْهِ النَّصُّ" (١).
وَنَقَلَ عَنْهُ تِلْمِيذُه شَمْسُ الدِّينِ بنُ الْمُحِبُّ الْمَقْدِسِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالصَّامِتِ (ت: ٧٨٩ هـ) نُقُولًا طَيِّبَةً فِي كِتَابِهِ: "صِفَاتُ رَبِّ الْعَالَمِينَ"، وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ كَلَامٌ لَهُ فِيهِ الرَّدُّ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ، وَقَدْ سَبَقَ إِيرَادُهُ فِي الْمَبْحَثِ السَّابِقِ.
وَرَابِعُهَا: - وَهُوَ أَصْرَحُهَا - كَلَامُهُ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ مُسَمَّى الإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ وِفَاقًا لِجُمْهُورِ أَهْلِ السُّنَّةِ، فَقَدْ أَشْبَعَ فِيهِ الْقَوْلَ فِي الجُزْءِ الَّذِي شَرَحَهُ مِنْ صَحِيحِ البُخَارِيِّ، وَقَدْ ذَكَرْتُه كَامِلًا عِنْدَ حَدِيثِي عَنْ عُلُومِ وَالِدِهِ، فَلْيُنظَرْ هُنَاكَ.
وَقَرَّرَ مَذْهَبَ أَهْلَ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ فِي زِيَادَةِ الإِيمَانِ وَنُقْصَانِهِ؛ فَقَالَ ﵀: "وَالأَدِلَّةُ الَّتِي ذَكَرَهَا أَنَّ الإِيمَانَ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ بِمَحَلٍّ مِنَ القِرَاءَةِ وَالسَّدَادِ لَيْسَ
(١) مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية (٧/ ٣٥٩).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute