للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَبَى، حَكَمَ عَلَيْهِ بِالحُكْمِ البَيِّنِ، وَذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ الزُّبَيْرِ .

فَأَشَارَ الإِمَامُ قِوَامُ السُّنَّةِ فِي شَرْحِهِ إِلَى أَنَّ الإِمَامَ ابْنَ شِهَابٍ الزُّهْرِيَّ كَانَ يُفَسِّرُ الأَحَادِيثَ الْمَرْفُوعَةَ، وَرُبَّمَا أَسْقَطَ أَدَاةَ التَّفْسِيرِ، فَيَخْتَلِطُ كَلَامُهُ كَثِيرًا بِحَدِيثِهِ الَّذِي يَرْوِيهِ، وَيُتَوَهَّمُ أَنَّهُ مِنْهُ، وَهَذَا الأَمْرُ نَبَّهَ إِلَيْهِ الخَطِيبُ البَغْدَادِيُّ وَغَيْرُهُ (١).

قَالَ قِوَامُ السُّنَّةِ : "قِيلَ: قَوْلُهُ: (فَلَمَّا أَحْفَظَ) مِنْ كَلَامِ الزُّهْرِيِّ، وَهُوَ مِنْ عَادَتِهِ أَنْ يَصِلَ بَعْضَ كَلَامِهِ بِالحَدِيثِ إِذَا رَوَاهُ، قَالَ لَهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فِي شَيْءٍ كَانَ يَرْوِيهِ: مَيِّزْ قَوْلَكَ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ " (٢).

وَكَلَامُ الإِمَامِ قِوَامِ السُّنَّةِ التَّيْمِيِّ سَبَقَهُ إِلَيْهِ الخَطَّابِيُّ (٣).

لَكِنْ رَدَّ هَذَا الاحْتِمَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ بِقَوْلِهِ: "قُلْتُ: لَكِنَّ الأَصْلَ فِي الحَدِيثِ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُ كُلُّهُ وَاحِدًا حَتَّى يَرِدَ مَا يُبَيِّنُ ذَلِكَ، وَلَا يَثْبُتُ الإِدْرَاجُ بِالاحْتِمَالِ" (٤).

وَفِي كِتَابِ الجَنَائِزِ، بَوَّبَ البُخَارِيُّ بَابَ رِثَاءِ النَّبِيِّ سَعْدَ بْنَ خَوْلَة: "وَقَوْلُهُ (يَرْثِي لَهُ رَسُولُ اللهِ) مِنْ كَلَامِ الزُّهْرِيِّ (٥)، وَهُوَ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ (لَكِنِ


(١) الفصلُ للوَصل المدرج في النَّقل للخطيب البغدادي (١/ ٣٣٠)، وينظر أيضا: النُّكت على ابن الصَّلاح لابن حجر (٢/ ٨٢٩).
(٢) ينظر (٤/ ٢٣٣) من قسم التحقيق.
(٣) أعلام الحديث للخطابي (٢/ ١١٧١).
(٤) فتح الباري (٥/ ٣٨).
(٥) قال أبو عبد الله بن أبي صُفْرة: "هُو مِنْ قَوْلِ سَعْدٍ فِي بَعْض الطُّرُق، وأكْثَرُ الطُّرُقِ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ =

<<  <  ج: ص:  >  >>