للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَكِنَّ الله تَعَالَى كَتَبَ القَبُولَ لِرِوَايَتِهِ، فَتَنَافَسَ الطَّلَبَةُ فِي سَمَاعِهَا وَإِسْمَاعِهَا، وَاجْتَهَدُوا فِي كَتب نُسَخِهَا، وَالمُقَابَلَةِ بَيْنَهَا، قَالَ ابْنُ رُشَيدٍ: "ثُمَّ تَوَاتَرَ الكِتَابُ مِنَ الفَرَبْرِيِّ، فَتَطَوَّقَ بِهِ المُسْلِمُونَ، وَانْعَقَدَ الإِجْمَاعُ عَلَيْهِ، فَلَزِمَتِ الحُجَّةُ، وَوَضَحَتِ المَحَجَّةُ، وَالحَمْدُ اللهِ" (١).

وَقَالَ مُبيِّنًا سَبَبَ شُهْرَةِ رِوَايَتِهِ: "وَمَدَّ اللهُ فِي عُمُرِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الفَرَبْرِيِّ، وَبَارَك فِيهِ، حَتَّى انْفَرَدَ بِرِوَايَةِ الصَّحِيحِ زَمَانًا لِذَهَابِ رُوَاتِهِ، فَرُحِلَ إِلَيْهِ فِي رِوَايَتِهِ عَنْهُ، وَتُنُوفِسَ فِي سَمَاعِهِ مِنْهُ" (٢)، وَقَالَ أَيْضًا: "وَالطَّرِيقُ المَعْرُوفُ اليَوْمَ إِلَى البُخَارِيِّ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا بِاتِّصَالِ السَّمَاعِ: طَرِيقُ الفَرَبْرِيِّ، وَعَلَى رِوَايَتِهِ اعْتَمَدَ النَّاسُ لِكَمَالِهَا، وَقُرْبِهَا، وَشُهْرَةِ رِجَالِهَا" (٣).

وَيُمْكِنُ إِجْمَالُ الأَسْبَابِ الَّتِي أَسْهَمَتْ فِي ذُيُوعِ رِوَايَتِهِ، كَمَا جَاءَ فِي النُّصُوصِ السَّابِقَةِ فِيمَا يَلِي:

* طُولُ عُمُرِ الفَرَبْرِيِّ ، فَقَدْ كَانَ مُعَمَّرًا قَارَبَ التِّسْعِينَ سَنَةً؛

* تَكَرُّرُ سَمَاعِهِ مِنَ البُخَارِيِّ مَرَّتَيْنِ بَيْنَهُمَا تَبَاعُدٌ زَمَنِيٌّ قَدْرُهُ أَرْبَعُ سَنَوَاتٍ، وَهُوَ أَدْعَى لإِتْقَانِ الكِتَابِ وَضَبْطِهِ؛

* كَمَالُ رِوَايَتِهِ، وَخُلُوُّهَا مِنَ الْفَوْتِ وَالنُّقْصَانِ؛

* شُهْرَةُ رِجَالِهَا، وَعَدَالَتُهُمْ، وَإِتْقَانُهُمْ.


(١) إفادة النصيح في التعريف بسند الجامع الصحيح (ص: ١٩).
(٢) المصدر السابق (ص: ١٧).
(٣) إفادة النصيح في التعريف بسند الجامع الصحيح (ص: ١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>