للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا أَنَّ الْمُصَنِّفَ كَانَ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ يُبْهِمُ أَسْمَاءَ مَنْ أَخَذَ عَنْهُمْ، فَيَقُولُ مَثَلًا: قَالَ العُلَمَاءُ، قَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ، قَالَ بَعْضُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ، قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ، قَالَ أَهْلُ السِّيَرِ، قَالَ الفُقَهَاءُ، قَالَ أَهْلُ المَغَازِي، قَالَ بَعْضُ العُلَمَاءِ وَنَحْوَهَا مِنَ العِبَارَاتِ الَّتِي تَجْعَلُ الوُقُوفَ عَلَى المَصْدَرِ الَّذِي نَقَلَ عَنْهُ أَمْرًا مُسْتَعْصِيًا.

وَبَعْدَ اسْتِعْرَاضِ هَذِهِ الْمَوَارِدِ وَالْمَصَادِرِ الَّتِي اعْتَمَدَهَا الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِهِ هَذَا - وَهِيَ كُتُبٌ مُتَعَدِّدَةُ الْمَوْضُوعَاتِ، وَتَشْمَلُ كَافَّةَ العُلُومِ الإِسْلَامِيَّةِ - تبعًا لاخْتِلَافِ كُتُبِ الجَامِعِ الصَّحِيحِ البُخَارِيِّ ، أَوَدُّ أَنْ أَذْكُرَ بَعْضَ سِمَاتِ وَمَعَالِمِ مَنْهَجِ المُصَنِّفِ فِي التَّعَامُلِ مَعَهَا بِاقْتِضَابٍ، فَمِنْ ذَلِكَ:

١ - تَمَيَّزَتِ النُّقُولَاتُ بِالضَّبْطِ وَالإِنْقَانِ غَالِبًا، مَعَ بَرَاعَتِهِ فِي إِبْدَاءِ وَجْهِ المُنَاسَبَةِ بَيْنَ مَا يَشْرَحُهُ وَمَا يُرِيدُ الاسْتِدْلَالَ لَهُ، فَلَا يَجِدُ القَارِئُ تَكَلُّفًا فِي الرَّبْطِ بَيْنَهُمَا، بَلْ إِنَّهُ يَسْتَعْصِي فِي مَوَاطِنَ تَمْيِيزُ كَلَامِهِ عَنْ كَلَامِ غَيْرِهِ مِمَّنْ نَقَلَ عنه.

٢ - يَتَصَرَّفُ الْمُصَنِّفُ فِي مُنَاسَبَاتٍ فِي النُّصُوصِ الَّتِي يَنْقُلُهَا، فَيَخْتَصِرُهَا غَيْرَ مُخِلٍّ بِالمَعْنَى، مُسْتَوْفِيًا فِي ذَلِكَ أَوْضَاعَ العُلَمَاءِ فِي عَزْوِ الكَلَامِ إِلَى قَائِلِهِ، وَمُرَاعِيًا قَوَاعِدَ الأَمَانَةِ العِلْمِيَّةِ.

٣ - اعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُ فِي مَوَاطِنَ قَلِيلَةٍ أَيْضًا فِي النَّقْلِ بِوَاسِطَةٍ، كَمَا فِي نُقُولَاتِهِ عَنْ بَعْضِ العُلَمَاءِ كَالْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ، وَابْنِ القَصَّارِ وَغَيْرِهِمَا، إِذِ اعْتَمَدَ فِي ذَلِكَ عَلَى النَّقْلِ بِوَاسِطَةِ شَرْحِ ابْنِ بَطَّالٍ كَمَا تَقَدَّمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>