للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ: قَلِيلَةُ صَوْتِ اللَّيْلِ إِلَّا صَوْتَ الحُلِيِّ.

وَأَمَّا الجِرْسُ بِالكَسْرِ: فَهُوَ بِمَعْنَى الجَرْسِ أَيْضًا، إِلَّا أَنَّكَ إِذَا أَفْرَدتَّ فَتَحْتَ الجِيمَ، فَإِذَا جَعَلْتَهُ مَعَ الحِسِّ قُلْتَ: مَا سَمِعْتُ لَهُ حِسًّا وَلَا جِرْسًا، فَأَتْبَعْتَ اللَّفْظَ اللَّفْظَ.

وَقَوْلُهُ: (فَيَفْصِمُ عَنِّي) كَثِيرًا مَا يُرَى بِخَطِّ الْمَعْرُوفِينَ فِي النُّسَخِ: (فَيُفْصَمُ) بِالفَتْحِ، وَالَّذِي أَخْتَارُهُ وَأَعْرِفُهُ: (فَيَفْصِمُ عَنِّي)، لِأَنَّكَ إِذَا قُلْتَ: يُفْصَمُ عَنِّي، أَيْ: يُقْطَعُ، فَلَا يَخْلُو إِلَّا أَنْ تُرِيدَ بِالانْقِطَاعِ الَّذِي هُوَ مِنْ ضَرُورَةِ القَطْعِ: انْقِطَاعَ الوَحْيِ، أَوِ انْقِطَاعَ شِدَّتِهِ وَكَرْبِهِ.

فَإِنْ أَرَدْتَ انْقِطَاعَ الوَحْيِ (فَيُفْصَمُ) أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ إِذَا قُلْتَهُ فَقَدْ عَلَّقْتَ الفِعْلَ عَلَى الوَحْيِ، فَيَحْصُلُ بِهِ اتِّسَاقُ الكَلَامِ، وَكَمَا أَنَّ إِتْيَانَ الوَحْيِ الَّذِي هُوَ التَّفْهِيمُ هَا هُنَا مُضَافٌ إِلَى الوَحْيِ، فَذَهَابُهُ وَهُوَ إِفْصَامُهُ وَإِقْلَاعُهُ يَكُونُ مُضَافًا إِلَيْهِ، وَاعْتِنَاءُ العَرَبِ وَمُحَافَظَتُهَا عَلَى نَسَقِ الكَلَامِ مِمَّا لَا يَخْفَى.

فَإِنْ أَرَدْتَ انْقِطَاعَ كَرْبِهِ وَشِدَّتِهِ، فَـ (ـإِفْصَامٌ) بِهِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الإِفْصَامَ فِي العَوَارِضِ وَالكُرُوبِ أَكْثَرُ اسْتِعْمَالًا مِنَ الفَصْمِ وَالانْفِصَامِ؛ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ: أَفْصَمَ عَنْهُ الْمَرَضُ، أَيْ: أَقْلَعَ، وَأَفْصَمَ السَّحَابُ أَيْ: أَقْلَعَ، فَاعْلَمْ.

فَأَمَّا وَجْهُ مَا كَتَبُوهُ إِذَا تُمُحِّلَ فَأَقُولُ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: فَيُقْطَعُ عَنِّي كَمَا ذَكَرَهُ الخَطَّابِيُّ (١).


(١) ينظر: أعلام الحديث للإمام الخطابي (١/ ١٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>