للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابنَ الأَعْرَابِي، فَإِنَّهُ مَعَهُمْ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ انْفَرَدَ وَحْدَهُ فَقَالَ: كَسَبْتُ المَالَ، وَأَكْسَبْتُهُ غَيْرِي، وَأَنْشَدَ:

فَأَكْسَبَنِي حَمْدًا، وَأَكْسَبْتُه أَجْرًا.

وَقَدْ حَكَى سِيبَوَيْهِ أَكْسَبْتُهُ، فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ فِي الحَدِيثِ: (تُكْسِبُ الْمَعْدُومَ) بِضَمِّ التَّاءِ.

وَجَعَلَتْ خَديجَةُ العَاجِزَ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى السَّعْيِ فِي التَّعَيُّشِ، وَتَحْصِيلِ مَا تُرْجَى بِهِ الأَيَّامُ بِمَنْزِلَةِ المَعْدُومِ.

وَالعَرَبُ تُعَبِّرُ بِالقِلَّةِ عَنِ العَدَمِ، وَالعَدَمِ عَنِ القِلَّةِ، وَالْمُحَقِّقُونَ يَذْهَبُونَ فِي قَوْلِ الْمُتَنَبِّي (١):

[مِنَ البَسِيطِ]

.................... … إِذَا رَأَى غَيْرَ شَيْءٍ ظَنَّهُ رَجُلا

إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ [ … ] (٢) فِي الْمُسْتَحِيلَاتِ، بَلْ مَقْصُودُهُ: إِذَا رَأَى شَخْصًا ضَعِيفًا، وَشَيْئًا قَلِيلًا ظَنَّهُ رَجُلًا (٣)، فَأَرَادَ التَّعْبِيرَ عَنِ المَرْءِ الضَّعِيفَ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَهَذَا كَمَا أَنَّكَ إِذَا لَقِيتَ رَجُلًا مُسْتَضْعَفًا جَبَانًا، أَوْ جَاهِلًا، أَوْ بَخِيلًا، لَا شَيْء وَلَا شَيْء، فَتُنَزَّلُهُ مَنْزِلَةَ المَعْدُومِ لِلْمُبَالَغَةِ فِي العَجْزِ وَالحَفَارَةِ.


(١) شَرح دِيوان أبي الطَّيِّب المتنبي للواحدي (١/ ١٤).
(٢) خُرُومٌ في المخْطُوطِ.
(٣) ينظر نحو هذا في شرح ديوان المتنبي للواحدي (١/ ١٤) وشرحُ المشْكِل مِن شِعْر الْمُتَنَبِّي (ص: ٤) لابن سيده، والوَاضِح في مُشْكِلات المتنبي (ص: ٢٥) لأبي القَاسِم الأصبهاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>