للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ مُسْلِمًا، إِلَّا أَنَّهُ لَا يَكُونُ بِصِفَةِ الكَمَالِ، لأنَّهُ إِذَا لَمْ يَسْلَمْ مِنْهُ الْمُسْلِمُونَ، وَكَانُوا فِي تَهِيُّبٍ مِنْهُ، دَلَّ ذَلِكَ مِنْهُ عَلَى خَلَلٍ فِي العَقِيدَةِ، وَكَأَنَّهُ قَالَ لِلْمُسْلِمِينَ الْمُلْتَزِمِينَ أَحْكَامَ الإِسْلَامِ، وَأَصَّلَ لَهُمْ: [أَيُّهَا] (١) الْمُسْلِمُونَ، قَدْ حَصَلَ لَكُمْ أَصْلُ الإِسْلَامِ، وَلَكِنَّ كَمَالَهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى سَلَامَةِ الْمُسْلِمِينَ مِنْكُمْ.

وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: (المُهَاجِرُ [مَنْ هَجَرَ] (٢) مَا نَهَى اللهُ عَنْهُ) أَيْ: بِمُفَارَقَتِكُمُ الوَطَنَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمُ اسْمُ الهِجْرَةِ، وَأَنْتُمْ مُهَاجِرُونَ، وَإِنَّمَا الْمُهَاجِرُونَ الآنَ مَنْ يَهْجُرُ مَا نَهَى اللهُ عَنْهُ.

فَلَوْ قِيلَ: إِنَّ الْمُسْلِمَ مِنْ هَذَا، مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ يَجْعَلُ غَيْرَهُ فِي سَلَامَةٍ مِنْ نَفْسِهِ ذَهَابًا بِهِ إِلَى ظَاهِرِ تَفْسِيرِ رَسُولِ اللهِ كَانَ لَهُ وَجْهٌ، وَهَذَا كَمَا يُقَالُ: الرَّجُلُ فُلَانٌ، أَيْ: الرَّجُلُ عَلَى صِفَةِ الكَمَالِ، أَوِ: الرَّجُلُ كَالرَّجُلِ فَلَانٍ.

وَ (سَلِمَ) فَعِلَ مِنَ السَّلَامَةِ، يُقَالُ: سَلِمَ مِنْ مَرَضِهِ.

وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمُسْلِمُ عَلَى الكَمَالِ، سُؤَالُ رَسُولِ اللهِ : (أَيُّ الإِسْلَامِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ) (٣).

أَيْ: إِذَا حَصَّلَ [ … ] (٤) هَذِهِ الصِّفَةِ، كَانَ الإِسْلَامُ بِصِفَةِ الأَفْضَلِيَّةِ وَالكَمَالِ، وَلَمْ يَسْأَلْ مَا الإِسْلَامُ؟ وَهُوَ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى (٥) الَّذِي رَوَاهُ البُخَارِيُّ بَعْدَ هَذَا.


(١) في المخطوط: (إِنَّما)، والصَّوابُ مَا أَثْبَته.
(٢) ساقِطَةٌ من المخْطُوط، والاسْتِدْرَاكُ مِنْ لفْظِ الحَدِيث.
(٣) حديث رقم: (٠٩).
(٤) في المخطوط خَرْم بمقْدَار كَلِمَة.
(٥) حديث رقم: (٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>