للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ البَيْعُ لِأَنَّهُ ضِدُّ الكَسَادِ، وَأَنْ يَكْثُرَ طَالِبُو الشَّيْءِ فَيَخْرُجُ المَتَاعُ مِنْ يَدِهِ، وَكَذَا: نَفَقَتِ الدَّابَّةُ؛ كَأَنَّ رُوحَهَا خَرَجَتْ.

فَنَفَقَ الشَّيْءُ إِذَا نَقَصَ وَانْقَطَعَ [ … ] (١) وَخَرَجَ مِنْ يَدِكَ، فَكَأَنَّ الْمُنَافِقَ خَرَجَ مِنْ هَذَا الدِّينِ إِلَى ذَلِكَ الدِّينِ.

وَالنِّفَاقُ أَيْضًا جَمْعُ نَفَقَةٍ، ذَكَرَهُ الفَارَابِي فِي دِيوَانِ الأَدَبِ (٢)، وَيُنَاسِبُهُ مِنْ أَوْجُهٍ أَخَرَ، وَهُوَ أَنَّ هَذَا الجُزْء الَّذِي يَضْرِبُهُ بِرَأْسِهِ ظَاهِرُهُ بُرَازٌ كَالأَرْضِ، وَبَاطِنُهُ حَفْرٌ فِي الْأَرْضِ، فَشُبَّهَ الْمُنَافِقُ بِهِ لإِظْهَارِهِ الإِيمَانَ، وَإِضْمَارِهِ الكُفْرَ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ سُمِّيَ بِهِ لِسَتْرِهِ كُفْرَهُ، فَهُوَ مِنَ النَّفَقِ، وَهُوَ السَّرْبُ يُسْتَرُ فِيهِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ﴾ (٣)، قَالَ الشَّاعِرُ (٤): [مِنَ الكَامِل]

إِنَّ اللَّئِيْمَ وَإِنْ أَرَاكَ بَشَاشَةً … فَالغَيْبُ مِنْهُ وَالفِعَالُ لَئِيمُ

وَإِذَا اضْطُرِرْتَ إِلَى لَئِيمٍ فَاتَّخِذُ … نَفَقًا كَأَنَّكَ خَائِفٌ مَهْزُومُ

قَوْلُهُ: (إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ) (٥) أَيْ: جُعِلَ أَمِينًا، وَهُوَ مَهْمُوزٌ فِي الأَصْلِ، إِلَّا أَنَّهُ من [ … ] (٦) فعله.


(١) في المخطوط: خَرْمٌ بمقْدَار كَلِمَة.
(٢) ينظر: تهذيب اللغة للأزهري (٩/ ١٥٦ - ١٥٧)، ففيه هذَا الكَلام بنَحوه.
(٣) سورة الأنعام، الآية: (٣٥).
(٤) البيتُ: ذَكَرهُ ابن الأنباري في الزاهر في معاني كلمات الناس (١/ ١٣٢) ولم ينسبه لقائل.
(٥) هكذا في المخْطُوطِ، وهِي رِوَايَةٌ ذَكَرها العَيْنيُّ في عُمَدة القاري (١/ ٢٢٠) ولم يَعْزُها لأحَدٍ من رُوَاةِ الصَّحيح.
(٦) في المخطُوطِ خَرْمٌ بمقْدَار كلمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>