للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَوْلُهُ: (إِذَا وَلَدَتِ الأَمَةُ رَبَّهَا) أَيْ: مَوْلَاهَا، وَهِيَ الأَمَةُ تَلِدُ الرَّجُلَ، فَيَكُونُ ابْنُهَا مَوْلًى لَهَا، لِأَنَّهُ فِي الحَسَبِ كَأَبِيهِ.

وَالْمُرَادُ: أَنَّ السَّبْيَ يَكْثُرُ، وَالنِّعْمَةَ تَفْشُو وَتَظْهَرُ فِي النَّاسِ.

وَقَالَ الخَطَّابِيُّ (١): مَعْنَاهُ: اتِّسَاعُ الإِسْلَامِ، وَاسْتِيلَاءُ أَهْلِهِ عَلَى بِلَادِ الشِّرْكِ، وَسَبْيُ ذَرَارِيهِمْ، فَإِذَا مَلَكَ الرَّجُلُ الجَارِيَةَ وَاسْتَوْلَدَهَا، كَانَ الوَلَدُ مِنْهَا بِمَنْزِلَةِ رَبِّهَا، لِأَنَّهُ وَلَدُ سَيِّدِهَا.

وَقَوْلُهُ: (وَإِذَا تَطَاوَلَ رُعَاةُ الإِبِلِ البُهْم) أَرَادَ العَرَبَ الَّذِينَ هُمْ أَرْبَابُ الإِبِلِ وَالبُهْمِ.

وَالبُهْمُ بِرَفْعِ الْمِيمِ - إِنْ كَانَ مَحْفُوظًا - جَمْعُ البَهِيمِ؛ وَهُوَ الْمَجْهُولُ الَّذِي لَا يُعْرَفُ، يُقَالُ: اسْتَبْهَمَ الأَمْرُ إِذَا لَمْ تُعْرَفْ حَقِيقَتُهُ، وَالدَّابَّةُ الَّتِي لَا شِيَةَ فِي لَوْنِهَا: بَهِيمٌ.

وَإِنْ رُوِيَ (البُهم) بِكَسْرِ الْمِيمِ، عَلَى أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِلْإِبِل يَكُونُ جَمْعَ بَهِيمٍ أَيْضًا، فَيَكُونُ مَعْنَاهُ: الَّذِي اسْتَبْهَمَ عَنِ الكَلَامِ.

قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ (٢): البَهِيمَةُ: المُبْهِمَةُ عَنِ التَّمْيِيزِ، وَيُقَالُ لِمَا لَا يَنْطِقُ: بَهِيمَةٌ؛ لِأَنَّهَا أَبْهَمَتْ عَنِ البَيَانِ.

وَأَمَّا حَدِيثُ: (يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ القِيَامَةِ حُفَاةً عُرَاةً بُهمًا) (٣) يُقَالُ


(١) أعلام الحديث للخطابي (١/ ١٨٢).
(٢) ينظر العين للخليل (٤/ ٦٢).
(٣) أخرجه أحمد في المسند (٣/ ٤٩٥)، والبُخَاري في الأدَبِ المفرد (٩٧٠)، وفي خَلْقِ أفعال=

<<  <  ج: ص:  >  >>