للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ نَاسِخٌ لِلنَّهْيِ عَنِ اسْتِقْبَالِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَاسْتِدْبَارِهِ بِالغَائِطِ وَالبَوْلِ.

وَقَوْلُهُ: (إِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ وَرَدَ فِي الصَّحَارَى لَا فِي البُيُوتِ.

وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا مَا رَوَى مَرْوَانُ الأَصْفَرُ عَنِ ابن عُمَرَ الله : (أَنَّهُ أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ مُسْتَقْبِلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثُمَّ جَلَسَ يَبُولُ إِلَيْهَا، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَلَيْسَ قَدْ نُهِيَ عَنْ هَذَا؟ [قَالَ: إِنَّمَا نُهِيَ عَنْ هَذَا] (١) فِي الفَضَاءِ، فَأَمَّا إِذَا كَانَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ القِبْلَةِ شَيْءٌ يَسْتُرُكَ فَلَا بَأْسَ) (٢).

قَالَ بَعْضُ العُلَمَاءِ (٣): حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ مُخَصَّصٌ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ لا مَنْسُوخٌ بِهِ.

وَفِي قَوْلِهِ: (إِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ كَذَا) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَخْتَلِفُونَ فِي مَعَانِي السُّنَنِ، فَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ يَسْتَعْمِلُ مَا سَمِعَ عَلَى عُمُومِهِ، فَمِنْ هَا هُنَا وَقَعَ الاخْتِلَافُ.


(١) سَاقِطَةٌ مِنَ المخْطُوط، والاسْتِدْراكُ مِنْ مَصَادِر التَّخريج.
(٢) أخرجَهُ أبو داود (رقم: (١١)، وابن خزيمة في الصَّحِيح (١/ ٣٥)، والدَّارَقطني في سننه (١/ ٥٨)، والحاكم في المستدرك (١/ ١٥٤)، والبيهقي في السنن الكبرى (٩٢/ ١) جميعًا من طريقِ الحسن بن ذَكْوَان عن مَرْوَان الأَصْفَر به.
قال الدَّارقطني: "هَذَا صَحِيحٌ، رجاله كلُّهم ثِقَاتٌ"، وقال الحاكم: "صَحِيحٌ على شَرْط البخاري". وصحَّحَه الحازِمِيُّ أَيْضًا كَمَا فِي نَصْبِ الرَّاية للزيلعي (٢/ ١٠٨)، وينظر: البدر المنير لابن الملقن (٢/ ٣٨٨).
(٣) ينظر: شَرْحُ البُخَارِي لابنِ بَطَّالٍ (١/ ٢٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>