للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ (١): لَوْ صَحَّ خَبَرُهُمْ لَكَانَ مَنْسُوخًا، لأَنَّ لَيْلَةَ الجِنِّ كَانَتْ بِمَكَّةَ فِي صَدْرِ الإِسْلَامِ، وَقَوْلُهُ: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً﴾ (٢) نَزَلَتْ فِي غَزْوَةِ الْمُرَيسِيع (٣)، حِينَ فَقَدَتْ عَائِشَةُ عِقْدَهَا.


= في الكبرى (٩/ ١ - ١٠) من طرقٍ عن أبي فَزَارَة العبسي عن أبي زيد مولى عَمْرو بن حُرَيْثٍ عن عَبْدِ الله بن مَسْعُودٍ به.
قال التِّرمذي: "أبو زيد رَجُلٌ مَجْهُولٌ عندَ أَهْل الحَدِيث، لا تُعْرَفُ له رِوَايَةٌ غير هَذا الحَدِيث".
وقال ابن عَدِي: أبو زيد مولى عَمْرو بن حُريث مَجْهُول، ولا يَصِحُّ هذا الحديثُ عن النَّبي ، وهُو بِخِلافِ القُرْآن" اهـ.
وقال البُخاري كما في الكامِل لابن عَدي (٧/ ٢٩١): "أبو زَيْد الَّذِي رَوى حَدِيثَ ابْنِ مَسْعُود أَنَّ النَّبي قال: (تَمرةٌ طَيِّبَةٌ ومَاءٌ طَهُورٌ) رَجُلٌ مَجْهُولٌ لا يُعْرَف بصُحْبَة عبد الله، وَرَوى عَلْقَمَة عن عبدِ الله أنَّه قَال: (لم أَكُن لَيْلَة الجِنِّ مَعَ رَسُولِ الله ) اهـ.
قلتُ: وما أشَارَ إليه البُخاري من إِنْكارِ عَلْقَمة شُهُودَ ابن مَسْعُود ليلَةَ الجِنِّ: أَخْرَجَهُ مُسْلم (رقم: ٤٥٠)، وفِيهِ قَوْلٌ عَلْقَمَة: (أَنَا سَأَلْتُ ابنَ مَسْعُودٍ، فقلت: هَل شَهِد أَحَدٌ مِنْكُم مَعَ رَسُول الله لَيْلَة الجِنِّ؟ فقال: لا) الحديث.
ومِمَّن ضَعَّفَ الحديثَ أيضا: أبو عُبيدٍ القاسم بنُ سَلَّام في كتاب الطهور (ص: ٢٠١)، وابن المنذر في الأوسط (١/ ٢٥٦)، وابن حزم في المحلَّى (١/ ٢٠٤).
وقالَ الحافِظُ ابن حَجَرٍ في فَتْحِ الباري: (١/ ٣٥٤): هَذَا الْحَدِيثُ أَطْبَقَ عُلَمَاءُ السَّلَفِ على تَضْعِيفه". وينظر: نصب الراية للزيلعي (١/ ١٣٨).
(١) نقل هذا القول ابن بطال في شرح صحيح البخاري (١/ ٣٦٢) عن الإمام ابن القَصَّار المالِكي، وقال أبو عُبيدٍ في كتاب الطهور (ص: ٢٠١): (مَعَ هذا كُلَّه أنه لو كانَ لَهُ أَصلٌ لَكَان مَنْسُوحًا، لأنَّ ليلةَ الجِنِّ كانَتْ بمكَّة في صَدْرِ الإِسْلام قَبْلَ الهِجْرة بِدَهْرٍ .... إلى أن قال: ثُم أَنْزَلَ الله تَحْرِيم الخَمْرِ في المائِدَة، وهي مَدَنِيَّة)، وينظر: ناسخ الحديث ومنسوخه لابن شاهين (ص: ٩١).
(٢) سورة المائدة، الآية (٠٦).
(٣) كانت غزوة الْمُرَيسيع في السَّنَة السَّادِسَة للهِجْرة، في شَعْبان منه، وتُسَمَّى أيضا غَزْوة بَنِي الْمُصْطَلِق، وسيأتي ذِكْرُهَا في كتابِ المَغَازِي إِنْ شَاءَ الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>