قال التِّرمذي: "أبو زيد رَجُلٌ مَجْهُولٌ عندَ أَهْل الحَدِيث، لا تُعْرَفُ له رِوَايَةٌ غير هَذا الحَدِيث". وقال ابن عَدِي: أبو زيد مولى عَمْرو بن حُريث مَجْهُول، ولا يَصِحُّ هذا الحديثُ عن النَّبي ﷺ، وهُو بِخِلافِ القُرْآن" اهـ. وقال البُخاري كما في الكامِل لابن عَدي (٧/ ٢٩١): "أبو زَيْد الَّذِي رَوى حَدِيثَ ابْنِ مَسْعُود أَنَّ النَّبي ﷺ قال: (تَمرةٌ طَيِّبَةٌ ومَاءٌ طَهُورٌ) رَجُلٌ مَجْهُولٌ لا يُعْرَف بصُحْبَة عبد الله، وَرَوى عَلْقَمَة عن عبدِ الله أنَّه قَال: (لم أَكُن لَيْلَة الجِنِّ مَعَ رَسُولِ الله ﷺ) اهـ. قلتُ: وما أشَارَ إليه البُخاري ﵀ من إِنْكارِ عَلْقَمة شُهُودَ ابن مَسْعُود ليلَةَ الجِنِّ: أَخْرَجَهُ مُسْلم (رقم: ٤٥٠)، وفِيهِ قَوْلٌ عَلْقَمَة: (أَنَا سَأَلْتُ ابنَ مَسْعُودٍ، فقلت: هَل شَهِد أَحَدٌ مِنْكُم مَعَ رَسُول الله ﷺ لَيْلَة الجِنِّ؟ فقال: لا) الحديث. ومِمَّن ضَعَّفَ الحديثَ أيضا: أبو عُبيدٍ القاسم بنُ سَلَّام في كتاب الطهور (ص: ٢٠١)، وابن المنذر في الأوسط (١/ ٢٥٦)، وابن حزم في المحلَّى (١/ ٢٠٤). وقالَ الحافِظُ ابن حَجَرٍ في فَتْحِ الباري: (١/ ٣٥٤): هَذَا الْحَدِيثُ أَطْبَقَ عُلَمَاءُ السَّلَفِ على تَضْعِيفه". وينظر: نصب الراية للزيلعي (١/ ١٣٨). (١) نقل هذا القول ابن بطال في شرح صحيح البخاري (١/ ٣٦٢) عن الإمام ابن القَصَّار المالِكي، وقال أبو عُبيدٍ في كتاب الطهور (ص: ٢٠١): (مَعَ هذا كُلَّه أنه لو كانَ لَهُ أَصلٌ لَكَان مَنْسُوحًا، لأنَّ ليلةَ الجِنِّ كانَتْ بمكَّة في صَدْرِ الإِسْلام قَبْلَ الهِجْرة بِدَهْرٍ .... إلى أن قال: ثُم أَنْزَلَ الله تَحْرِيم الخَمْرِ في المائِدَة، وهي مَدَنِيَّة)، وينظر: ناسخ الحديث ومنسوخه لابن شاهين (ص: ٩١). (٢) سورة المائدة، الآية (٠٦). (٣) كانت غزوة الْمُرَيسيع في السَّنَة السَّادِسَة للهِجْرة، في شَعْبان منه، وتُسَمَّى أيضا غَزْوة بَنِي الْمُصْطَلِق، وسيأتي ذِكْرُهَا في كتابِ المَغَازِي إِنْ شَاءَ الله.