للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَلَاةً وَاحِدَةً، وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ لِكُلِّ صَلَاةٍ.

قَالُوا: إِنَّ الله تَعَالَى أَوْجَبَ عَلَى كُلِّ قَائِمٍ لِلصَّلَاةِ طَلَبَ المَاءِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا﴾، وَحَقِيقَةُ هَذَا أَنَّهُ لَا يُقَالُ لِمَنْ [لَمْ] (١) يَطْلُبِ الشَّيْءَ لَمْ يَجِدْهُ، وَأَوْجَبَ عِنْدَ عَدَمِهِ التَّيَمُّمَ عِنْدَ دُخُولِ وَقْتِ صَلَاةٍ أُخْرَى مِثْلَ مَا عَلَيْهِ فِي الأُوْلَى.

وَلَيْسَتِ الطَّهَارَةُ بِالصَّعِيدِ مِثْلَ الطَّهَارَةِ بِالمَاءِ، وَإِنَّمَا هِيَ طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ لاسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ قَبْلَ خُرُوجِ الوَقْتِ، بِدَلِيلِ بُطْلَانِهَا بِوُجُودِ المَاءِ قَبْلَ الصَّلَاةِ، وَأَنَّ الجُنُبَ يَعُودُ جُنْبًا بَعْدَهَا إِذَا وَجَدَ المَاءَ، وَالوُضُوءُ بِالمَاءِ لَا يَبْطُلُ، فَلِذَلِكَ أَمَرَ مَنْ صَلَّى بِهِ أَنْ يَطْلُبَ المَاءَ لِصَلَاةٍ أُخْرَى.

وَلِأَنَّ الْمُتَوَضِّيءَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ قَبْلَ وَقْتِهَا، وَالْمُتَيَمِّمَ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ، فَإِذَا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ لِلْعَصْرِ حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُهَا، وَجَبَ أَلَّا يَكُونَ التَّيمُّمُ لِلْعَصْرِ يُجْزِئُ لِلْمَغْرِبِ؛ إِذْ كَانَ مُتَيَمِّمًا لَهَا قَبْلَ وَقْتِهَا، لِأَنَّ العِلَّةَ الْمَانِعَةَ لَهُ مِنَ التَّيَمُّمِ لِلْعَصْرِ قَبْلَ وَقْتِهَا هِيَ الْمَانِعَةُ لَهُ مِنَ الْمَغْرِبِ (٢).

وَفِي الحَدِيثِ دَلِيلٌ أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ يَنَامُ كَنَوْمِ الْبَشَرِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ،


(١) ساقطة من المخطوط، والاستدراك من شرح ابن بطال (١/ ٤٨٤).
(٢) نقل قِوامُ السُّنة التَّيمي هنا كلام الإمام أبي إسحاق إسماعيل بن إسحاق، من قوله: "لأنَّ المتوضئَ لهُ أَن يَتَوضَّأ وكلامه في شَرحِ ابن بطال (١/ ٤٨٤). قلتُ: وخَالَفَ في المسألةِ الحَنفيَّة فقالُوا: يُصلِّي بالتَّيمُّم أكثر مِن صَلاةٍ كمَا في الهدايةِ (١/ ٢٨)، وبدائِع الصَّنائع للكَاسَاني (١/ ٥٥)، وانتصرَ لهذا القول: ابن المنذر في الأوسط (٢/ ٥٨ - ٥٩)، وابنُ حَزْم في المحلى (١/ ٣٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>