للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتَوَضَّأ جِبْرِيلُ ، وَمُحَمَّدٌ يَنْظُرُ، فَرَجَعَ رَسُولُ اللهِ وَقَدْ أَقَرَّ اللهُ عَيْنَهُ، فَأَخَذَ بِيَدِ خَدِيجَةَ، ثُمَّ أَتَى بِهَا العَيْنَ، فَتَوَضَّأَ كَمَا تَوَضَّأَ جِبْرِيلُ، ثُمَّ صَلَّى هُوَ وَخَدِيجَةُ رَكْعَتَيْنِ كَمَا صَلَّى جِبْرِيلُ.

فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الإِسْرَاءَ كَانَ قَبْلَ الهِجْرَةِ بِأَعْوَامٍ.

وَقَوْلُ ابْنُ إِسْحَاقَ إِنَّ جِبْرِيلَ نَزَلَ عَلَيْهِ بِالْوُضُوءِ، فَإِنَّمَا أَخَذَهُ مِنْ حَدِيثِ عُرْوَةَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ: (أَنَّ النَّبِيَّ فِي أَوَّلِ مَا أُوحِيَ إِلَيْهِ أَتَاهُ جِبْرِيلُ فَعَلَّمَهُ الوُضُوءَ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الوُضُوءِ، أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ فَنَضَحَ فَرْجَهُ) (١).

وَقَالَ نَافِعُ بنُ جُبَيْرٍ: (أَصْبَحَ النَّبِيُّ الله لَيْلَةَ الإِسْرَاءِ، فَنَزَلَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ وَصَلَّى بِهِ)، وَلِذَلِكَ سُمِّيَتِ الأُولَى.

وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ العُلَمَاءِ: لَمْ يَكُنْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَاةٌ مَفْرُوضَةٌ قَبْلَ الإِسْرَاءِ، إِلَّا مَا كَانَ أُمِرَ بِهِ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدِ رَكَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ، وَلَا وَقْتٍ مَحْصُورٍ، فَكَانَ يَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيْهِ وَنِصْفِهِ وَثُلُثِهِ، وَقَامَهُ الْمُسْلِمُونَ مَعَهُ نَحْوًا


(١) أخرجه أحمد في المسند (٤/ ١٦١)، والحارثُ بنُ أُسَامة في مُسْنَده كما في بغية الباحث (١/ ٢١٠)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (١/ ١٩٣)، ومن طريق الحارث: ابن الجوزي في العلل المتناهية (١/ ٣٥٤)، وابن سيد الناس في عيون الأثر (١/ ١٢١) جميعا من طُرُقٍ عن ابن لهيعة عن عقيل بن خالد عن ابن شهاب الزهري عن عروة به مثله.
وإسنادُه ضعيفٌ لمكَانِ عبدِ الله بن لَهيعة، وتَابَعَه رِشْدِينُ بنُ سَعْدٍ المصْرِي كما عند ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (١/ ٣٥٤)، ورِشْدينُ ضعيفٌ أيْضا كمَا في تقريب التهذيب لابن حجر.
وقال ابن يونُس كما في المصدر السَّابق: "كَانَ صَالحًا في دِينِهِ، فَأَدْرَكَتْهُ غَفْلَة الصَّالِحِينَ فَخَلَّط في الحَدِيث".

<<  <  ج: ص:  >  >>