للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنَّهُ يَتَّزِرُ بِهِ.

وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ: أَنَّهُمْ كَانُوا يَعْقِدُونَ أُزْرَهُمْ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ غَيْرُهَا، إِذْ لَوْ كَانَ لَهُمْ غَيْرُهَا لَلَبِسُوهَا فِي الصَّلَاةِ، هَذَا مَعْنَى قَوْلِ الطَّحَاوِيِّ (١).

وَقَوْلُهُ: (مَا السُّرَى يَا جَابِرُ؟) فَالسُّرَى: السَّيْرُ بِاللَّيْلِ، وَإِنَّمَا سَأَلَهُ عَنْ سُرَاهُ إِذْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَأْتِيهِ أَحَدٌ لَيْلًا إِلَّا لِحَاجَةٍ، فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ جَابِرٍ: (فَأَخْبَرْتُهُ بِحَاجَتِي).

وَقَوْلُهُ: (مَا هَذَا الاشْتِمَالُ؟) الاشْتِمَالُ الَّذِي أَنْكَرَهُ هُوَ اشْتِمَالُ الصَّمَّاءِ المَنْهِيُّ عَنْهُ، وَهُوَ أَنْ يُجَلَّلَ نَفْسَهُ بِثَوْبِهِ، وَلَا يَرْفَعَ شَيْئًا مِنْ جَوَانِبِهِ، وَلَا يُمْكِنَهُ إِخْرَاجُ يَدِهِ إِلَّا مِنْ أَسْفَلِهِ، فَيُخَافُ أَنْ تَبْدُوَ عَوْرَتُهُ عِنْدَ ذَلِكَ (٢).

وَفِي الحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ طَلَبِ الحَوَائِجِ بِاللَّيْلِ.

وَقَوْلُهُ: (لَا تَرْفَعْنَ رُؤُوسَكُنَّ حَتَّى يَسْتَوِيَ الرَّجَالُ جُلُوسًا) (٣) نهِيَ عَنْ رَفْعِهِنَّ رُؤُوسَهُنَّ خَشْيَةَ أَنْ يَرَيْنَ شَيْئًا مِنْ عَوْرَاتِ الرِّجَالِ عِنْدَ الرَّفْعِ مِنَ السُّجُودِ، وَإِنَّمَا يَحْرُمُ النَّظَرُ مَعَ العَمْدِ، وَلَا يَحْرُمُ النَّظَرُ فَجْأَةً.

قَالَ الخَطَّابِيُّ (٤): وَالالْتِحَافُ فِي هَذَا بِمَعْنَى الارْتِدَاءِ، وَهُوَ أَنْ يَتَّزِرَ بِأَحَدِ طَرَفَي الثَّوْبِ، وَيَرْتَدِيَ بِالطَّرَفِ الآخَرِ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا لَا يَتَّسِعُ اتَّزَرَ بِهِ،


(١) ينظر كلام الطَّحَاوي في شَرْح معاني الآثار (١/ ٣٨٢).
(٢) من كلام المهلَّبِ بن أبي صُفْرَة كما في شرح ابن بطال (٢/ ٢٤).
(٣) حديث (رقم: ٣٦٢).
(٤) أعلام الحديث للخطابي (١/ ٣٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>