لَيْسَ بِجَهْلٍ عِنْدَهُ.
وَكَذَلِكَ فِعْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ أَئِمَّتِنَا، وَحَكَوْا خِلَافًا عَنْ الْمُعْتَزِلَةِ فِي أَنَّ الْجَهْلَ هَلْ هُوَ مِثْلُ الْعِلْمِ؟ فَأَكْثَرُ الْمُعْتَزِلَةِ عَلَى أَنَّهُ مِثْلٌ لَهُ.
وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ مَنْ اعْتَقَدَ كَوْنَ زَيْدٍ فِي الدَّارِ مَثَلًا، وَلَيْسَ هُوَ فِيهَا فَإِنَّ اعْتِقَادَهُ الْأَوَّلَ الَّذِي هُوَ جَهْلٌ مِنْ جِنْسِ الثَّانِي الَّذِي عَلِمَهُ. وَمَا بِهِ الِافْتِرَاقُ مِنْ كَوْنِ زَيْدٍ فِي الدَّارِ إحْدَى الْحَالَتَيْنِ، وَعَدَمُهُ فِي الْأُخْرَى أَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ مُوجِبِ الِاخْتِلَافِ بَيْنَ الِاعْتِقَادَيْنِ، وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ اعْتِقَادَ الْمُقَلِّدِ لِلشَّيْءِ عَلَى وَفْقِ مَا هُوَ عَلَيْهِ مِثْلُ الْعِلْمِ، وَهَذَا الْكَلَامُ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ لَسْنَا نُوَافِقُهُمْ عَلَيْهِ غَيْرَ أَنَّا نَقُولُ: اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ هَذَا مَخْصُوصٌ بِالْجَهْلِ الْمُرَكَّبِ. أَمَّا الْبَسِيطُ إنْ قِيلَ: إنَّهُ جَهْلٌ، فَلَا خِلَافَ فِي كَوْنِهِ لَيْسَ مِثْلًا لِلْعِلْمِ، فَإِنَّ عَدَمَ الشَّيْءِ لَا يَكُونُ مِثْلًا لِذَلِكَ الشَّيْءِ.
[تَنْبِيهٌ] مَنْ تَصَوَّرَ فِي الذَّاتِ أَوْصَافًا لَمْ تَكُنْ، فَهَلْ هُوَ جَاهِلٌ بِالذَّاتِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا ذَاتٌ أَوْ بِهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهَا مَوْصُوفَةٌ بِخِلَافِ مَا اعْتَقَدَ؟ وَقَدْ يُقَالُ: الْجَهْلُ بِالصِّفَةِ هَلْ هُوَ جَهْلٌ بِالْمَوْصُوفِ مُطْلَقًا أَوْ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ؟ الظَّاهِرُ: الثَّانِي، وَمِنْ ثَمَّ لَا يَكْفُرُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِيمَا إذَا نَكَحَ امْرَأَتَيْنِ وَشَرَطَ فِيهِمَا الْإِسْلَامَ أَوْ فِي إحْدَاهُمَا النَّسَبَ أَوْ الْحُرِّيَّةَ، فَاخْتُلِفَ هَلْ يَصِحُّ النِّكَاحُ؟ وَالْقَوْلُ بِالصِّحَّةِ هُوَ الْجَدِيدُ الصَّحِيحُ. مَأْخَذُهُ أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مُعَيَّنٌ لَا يَتَبَدَّلُ بِالْخَلَفِ فِي الصِّفَةِ، وَالْقَوْلُ بِالْفَسَادِ مَأْخَذُهُ أَنَّ اخْتِلَافَ الصِّفَةِ كَاخْتِلَافِ الْعَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute