وَالثَّالِثُ: أَنَّ الِاسْتِفَاضَةَ تَنْتَشِرُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لَهُ، وَالْمُتَوَاتِرُ مَا انْتَشَرَ عَنْ قَصْدٍ لِرِوَايَتِهِ، وَيَسْتَوِيَانِ فِي انْتِفَاءِ الشَّكِّ وَوُقُوعِ الْعِلْمِ بِهِمَا وَلَيْسَ الْعَدَدُ فِيهِمَا مَحْصُورًا وَإِنَّمَا الشَّرْطُ انْتِفَاءُ التَّوَاطُؤِ عَلَى الْكَذِبِ مِنْ الْمُخْبِرِينَ.
قَالَا: وَالْمُسْتَفِيضُ مِنْ أَخْبَارِ السُّنَّةِ مِثْلُ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ، وَالتَّوَاتُرُ مِنْهَا مِثْلُ وُجُوبِ الزَّكَوَاتِ. هَكَذَا قَالَا، وَهُوَ غَرِيبٌ، لَكِنَّ قَوْلَهُمَا فِي الِاسْتِفَاضَةِ مُوَافِقٌ لِمَا اخْتَارَاهُ مِنْ أَنَّ الشَّهَادَةَ بِالِاسْتِفَاضَةِ مِنْ طُرُقِهَا أَنْ يَكُونَ قَدْ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ عَدَدٍ يَمْتَنِعُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَالْغَزَالِيِّ وَالْمُتَأَخِّرِينَ. قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهُوَ: أَشْبَهُ بِكَلَامِ الشَّافِعِيِّ. وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ، وَالشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ، وَأَبُو حَاتِمٍ الْقَزْوِينِيُّ، أَنَّ أَقَلَّ مَا ثَبَتَتْ بِهِ الِاسْتِفَاضَةُ سَمَاعُهُ مِنْ اثْنَيْنِ، وَإِلَيْهِ مَيْلُ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ، وَذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ عَنْ ابْنِ كَجٍّ، وَنَقَلَ وَجْهَيْنِ: فِي أَنَّهُ هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَقَعَ فِي قَلْبِ السَّامِعِ صِدْقُ الْمُخْبِرِ؟ قَالَ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا غَيْرَ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ فِي أَنَّهُ هَلْ يُعْتَبَرُ خَبَرُ عَدَدٍ يُؤْمَنُ فِيهِمْ التَّوَاطُؤُ.
[مَسْأَلَةٌ إفَادَةُ الْمُسْتَفِيضِ الْعِلْمَ]
َ] وَالْمُسْتَفِيضُ عَلَى الْقَوْلِ بِالْوَاسِطَةِ يُفِيدُ الْعِلْمَ فِي قَوْلِ الْأُسْتَاذَيْنِ أَبِي إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ، وَأَبِي مَنْصُورٍ التَّمِيمِيِّ، وَابْنُ فُورَكٍ، وَمَثَّلَهُ أَبُو مَنْصُورٍ فِي كِتَابِهِ الْمَعْرُوفِ بِالْأُصُولِ الْخَمْسَةَ عَشَرَ ": بِالْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ فِي الْمَسْحِ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute