[الْقَوْلُ فِي بِنَاءِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ]
وَالْمُرَادُ بِالْبِنَاءِ: تَخْصِيصُهُ وَتَفْسِيرُهُ لَهُ. إذَا وُجِدَ نَصَّانِ: أَحَدُهُمَا عَامٌّ، وَالْآخَرُ خَاصٌّ، وَهُمَا مُتَنَافِيَانِ فِي النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَا مِنْ الْكِتَابِ، أَوْ أَحَدُهُمَا مِنْهُ، وَالْآخَرُ مِنْ السُّنَّةِ إمَّا مُتَوَاتِرًا وَغَيْرَهُ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَا مِنْ السُّنَّةِ؛ إمَّا مُتَوَاتِرَيْنِ أَوْ غَيْرَ مُتَوَاتِرَيْنِ، أَوْ أَحَدُهُمَا مُتَوَاتِرٌ وَالْآخَرُ غَيْرُ مُتَوَاتِرٍ. وَالْحُكْمُ فِي الْكُلِّ وَاحِدٌ، إلَّا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالنَّسْخِ عِنْدَمَا يَكُونُ الْمُتَأَخِّرُ ظَنِّيًّا، وَالْمُقَدَّمُ قَطْعِيًّا، عِنْدَ مَنْ مَنَعَهُ. وَحَيْثُ أَمْكَنَ اسْتِعْمَالُهُمَا صِرْنَا إلَيْهِ، وَنَقَلَ سُلَيْمٌ الرَّازِيَّ عَنْ دَاوُد أَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ النَّصَّانِ مِنْ الْكِتَابِ، وَيَسْقُطُ الْخَبَرَانِ، وَعَنْهُ فِي الْآيَةِ وَالْخَبَرِ رِوَايَتَانِ: هَلْ يُسْتَعْمَلَانِ أَوْ يَتَسَاقَطَانِ.
ثُمَّ فِيهِ أَقْسَامٌ: أَحَدُهُمَا أَنْ يُرَادَا مَعًا، كَأَنْ تُنَزَّلَ آيَةٌ عَامَّةٌ، ثُمَّ قَبْلَ أَنْ يَسْتَقِرَّ حُكْمُهَا بَيَّنَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَلِيلَ التَّخْصِيصِ، كَقَوْلِهِ: زَكُّوا الْبَقَرَ وَلَا تُزَكُّوا الْعَوَامِلَ، فَالْخَاصُّ هُنَا مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ بِالْإِجْمَاعِ، كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ، وَالْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي الْمُلَخَّصِ، وَأَبُو بَكْرٍ الرَّازِيَّ فِي أُصُولِهِ، لِأَنَّ الْخَاصَّ مُبَيِّنٌ لِلْعَامِّ وَمُخَصِّصٌ لَهُ؛ لَكِنْ فِي الْمَحْصُولِ " أَنَّ بَعْضَهُمْ ذَهَبَ إلَى أَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ مِنْ الْعَامِّ يَصِيرُ مُعَارِضًا لِلْخَاصِّ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيَّ: الْمُخَصِّصُ مَعَ الْعَامِّ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ مَعَ الْجُمْلَةِ بِلَا خِلَافٍ، كَقَوْلِهِ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} [المائدة: ٣]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute