للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَسْأَلَةٌ إنْكَارُ الشَّيْخِ مَا حَدَّثَ بِهِ]

ِ] إذَا رَوَى ثِقَةٌ عَنْ ثِقَةٍ حَدِيثًا، ثُمَّ رَجَعَ الشَّيْخُ فَأَنْكَرَهُ، فَلَهُ حَالَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يُكَذِّبَ الرَّاوِيَ عَنْهُ صَرِيحًا كَقَوْلِهِ: كَذَبَ عَلَيَّ مَا رَوَيْت لَهُ هَذَا قَطُّ. فَالْمَشْهُورُ عَدَمُ قَبُولِ الْحَدِيثِ، وَذَكَرَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ أَنَّ الْقَاضِيَ عَزَاهُ لِلشَّافِعِيِّ. قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي " الْقَوَاطِعِ ": إنَّهُ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْفَرْعُ جَازِمًا بِالرِّوَايَةِ عَنْهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ. وَيَصِيرُ كَتَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ، فَيُرَدُّ مَا جَحَدَهُ الْأَصْلُ؛ لِأَنَّ الرَّاوِيَ عَنْهُ فَرْعُهُ؛ وَلِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُكَذِّبٌ لِلْآخَرِ فِيمَا يَدَّعِيهِ، فَلَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا كَاذِبًا قَطْعًا، لَكِنْ لَا يَثْبُتُ كَذِبُ الْفَرْعِ بِتَكْذِيبِ الْأَصْلِ لَهُ فِي غَيْرِ هَذَا الَّذِي رَوَاهُ، بِحَيْثُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ جَرْحًا لِلْفَرْعِ؛ لِأَنَّهُ أَيْضًا يُكَذِّبُ شَيْخَهُ فِي نَفْيِهِ ذَلِكَ، وَلَيْسَ قَبُولُ جَرْحِ أَحَدِهِمَا بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ، فَتَسَاقَطَا.

وَيُرَدُّ مِنْ حَدِيثِ الْفَرْعِ مَا نَفَى الْأَصْلُ تَحْدِيثَهُ بِهِ خَاصَّةً، وَلَا يُرَدُّ مِنْ حَدِيثِ الْأَصْلِ نَفْسِهِ إذَا حَدَّثَ بِهِ، كَمَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ فِيمَا حَكَاهُ عَنْ الْخَطِيبِ الْبَغْدَادِيِّ، وَكَذَا إذَا حَدَّثَ بِهِ فَرْعٌ آخَرُ ثِقَةً عَنْهُ، وَلَمْ يُكَذِّبْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>