الْخَامِسُ: أَنَّ الْخِلَافَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الرِّوَايَةِ، أَمَّا الشَّهَادَةُ فَمَحَلُّ وِفَاقٍ. فَإِذَا أَنْكَرَ شَاهِدُ الْأَصْلِ الشَّهَادَةَ بَطَلَتْ شَهَادَةُ هَذَا الْفَرْعِ. قَالَ ابْنُ بَرْهَانٍ: وَهَاهُنَا مَسْأَلَةٌ يُخَالِفُ فِيهَا الْمَذْهَبَانِ أُصُولَهُمْ، وَهِيَ مَا لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى الْقَاضِي أَنَّك قَضَيْت لِي أَوْ سَجَّلَتْ فِي الْوَاقِعَةِ الْفُلَانِيَّةِ، فَأَنْكَرَ الْقَاضِي دَعْوَاهُ، وَقَالَ: مَا قَضَيْت، وَمَا سَجَّلْت، وَمَا عِنْدِي خَبَرٌ بِمَا تَدَّعِيهِ، فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ لَوْ أَقَامَ شَاهِدَيْنِ، وَشَهِدَا بِمُوجَبِ دَعْوَاهُ، لَا تَثْبُتُ هَذِهِ الدَّعْوَى بِشَهَادَتِهِمَا، وَقِيَاسُ مَذْهَبِنَا أَنَّهَا تَثْبُتُ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ كَالْأَصْلِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الشُّهُودِ، وَقُصَارَى مَا يَصْدُرُ هَاهُنَا إنْكَارُ الْأَصْلِ، وَإِنْكَارُ الْأَصْلِ عِنْدَمَا لَا يَمْنَعُ مِنْ الْعَمَلِ بِقَوْلِ الْفَرْعِ فِي مَذْهَبِنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْخِلَافِيَّةِ، وَأَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَقَالُوا: تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا عَلَى الْقَضَاءِ وَالْإِسْجَالِ، وَمُقْتَضَى مَذْهَبِهِمْ أَنْ لَا تُقْبَلَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ - أَعْنِي الْقَاضِيَ - أَنْكَرَ وَعِنْدَهُمْ إنْكَارُ الْأَصْلِ يُسْقِطُ الْفَرْعَ.
[مَسْأَلَةٌ رَوَى حَدِيثًا عَنْ شَيْخٍ وَلَيْسَ هُوَ مَعْدُودًا مِنْ أَصْحَابِهِ الْمَشَاهِيرِ وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ هَلْ يُقْبَلُ]
مَسْأَلَةٌ إذَا رَوَى حَدِيثًا عَنْ شَيْخٍ، وَلَيْسَ هُوَ مَعْدُودًا مِنْ أَصْحَابِهِ الْمَشَاهِيرِ، وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ، هَلْ يُقْبَلُ؟ مِثَالُهُ تَمَسَّك الْحَنَفِيَّةُ فِي عَدَمِ نَقْضِ الْوُضُوءِ بِالنَّوْمِ فِي الصَّلَاةِ بِحَدِيثِ أَبِي خَالِدٍ الدَّالَانِيِّ: «لَيْسَ الْوُضُوءُ عَلَى مَنْ نَامَ قَائِمًا أَوْ قَاعِدًا أَوْ رَاكِبًا أَوْ سَاجِدًا، وَإِنَّمَا الْوُضُوءُ عَلَى مَنْ نَامَ مُضْطَجِعًا» . قَالَ أَصْحَابُنَا: لَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ نُقِلَ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute