للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ الِاجْتِهَادُ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]

فَصْلٌ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ الِاجْتِهَادُ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَنْقَسِمُ طُرُقُهُ إلَى ثَمَانِيَةِ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا - مَا كَانَ الِاجْتِهَادُ مُسْتَخْرَجًا مِنْ مَعْنَى النَّصِّ: كَاسْتِخْرَاجِ عِلَّةِ الرِّبَا مِنْ الْبُرِّ، فَهَذَا صَحِيحٌ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِالْقِيَاسِ. ثَانِيهَا - مَا اسْتَخْرَجَهُ مِنْ شَبَهِ النَّصِّ: كَالْعَبْدِ فِي ثُبُوتِ مِلْكِهِ، لِتَرَدُّدِ شَبَهِهِ بِالْحُرِّ فِي أَنَّهُ يَمْلِكُ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ، وَشَبَهِهِ بِالْبَهِيمَةِ فِي أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ، فَهُوَ صَحِيحٌ غَيْرُ مَدْفُوعٍ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِالْقِيَاسِ وَالْمُنْكِرِينَ لَهُ، غَيْرَ أَنَّ الْمُنْكَرِينَ لَهُ جَعَلُوهُ دَاخِلًا فِي عُمُومِ أَحَدِ الشَّبَهَيْنِ.

وَمَنْ قَالَ بِالْقِيَاسِ جَعَلَهُ مُلْحَقًا بِأَحَدِ الشَّبَهَيْنِ. ثَالِثُهَا - مَا كَانَ مُسْتَخْرَجًا مِنْ عُمُومِ النَّصِّ: كَاَلَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ فِي قَوْله تَعَالَى: {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: ٢٣٧] يَعُمُّ الْأَبَ وَالزَّوْجَ وَالْمُرَادُ بِهِ أَحَدُهُمَا. وَهَذَا صَحِيحٌ يُتَوَصَّلُ إلَيْهِ بِالتَّرْجِيحِ. رَابِعُهَا - مَا اُسْتُخْرِجَ مِنْ إجْمَالِ النَّصِّ: كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْمُتْعَةِ: {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} [البقرة: ٢٣٦] فَيَصِحُّ الِاجْتِهَادُ فِي قَدْرِ الْمُتْعَةِ بِاعْتِبَارِ حَالِ الزَّوْجَيْنِ. خَامِسُهَا - مَا اُسْتُخْرِجَ مِنْ أَحْوَالِ النَّصِّ: كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْمُتَمَتِّعِ {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة: ١٩٦] فَاحْتَمَلَ صِيَامَ الثَّلَاثَةِ قَبْلَ عَرَفَةَ، وَاحْتَمَلَ صِيَامَ السَّبْعَةِ إذَا رَجَعَ فِي طَرِيقِهِ، وَإِذَا رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ، فَصَحَّ الِاجْتِهَادُ فِي تَغْلِيبِ إحْدَى الْحَالَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى. سَادِسُهَا - مَا اُسْتُخْرِجَ مِنْ دَلَائِلِ النَّصِّ: كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطلاق: ٧] فَاسْتَدْلَلْنَا عَلَى تَقْدِيرِ نَفَقَةِ الْمُوسِرِ، فَإِنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>