عَلَى الْبَدَلِ فَاخْتَلَفُوا عَلَى قَوْلَيْنِ، وَبِالْجَوَازِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ اخْتَلَفُوا فِي زَوْجٍ أَوْ زَوْجَةٍ وَأَبَوَيْنِ، وَكَذَلِكَ الْجِمَاعُ، وَالْأَكْلُ نَاسِيًا. وَقَالَ سُلَيْمٌ: إنْ أَجْمَعُوا عَلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا فِي حُكْمٍ، كَقَوْلِهِمْ: لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْجَدَّتَيْنِ أُمِّ الْأُمِّ، وَأُمِّ الْأَبِ إذَا انْفَرَدَتْ السُّدُسُ، لَمْ يَجُزْ لِمَنْ بَعْدَهُمْ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا، فَيَجْعَلُ لِأُمِّ الْأُمِّ الثُّلُثَ؛ لِأَنَّهُ يُخَالِفُهُمْ فِي الَّتِي تَزِيدُ عَلَى فَرْضِهَا، وَهَكَذَا إذَا أَجْمَعُوا عَلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي الْحُكْمِ، كَقَوْلِهِمْ: لِلْأُمِّ مَعَ الْأَبِ الثُّلُثُ، وَلِلْجَدَّةِ مَعَهُ السُّدُسُ، لَمْ يَجُزْ لِمَنْ بَعْدَهُمْ أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَهُمَا، وَهَذَانِ لَا خِلَافَ فِيهِمَا. وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: إذَا أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْكَرْمَ وَالنَّخْلَ فِي الْمُسَاقَاةِ سَوَاءٌ مَنْ يُجِيزُهُمَا وَمَنْ يَأْبَاهُمَا يَرُدُّهَا، فَقَالَ دَاوُد: هَذَا إجْمَاعٌ، وَلَا يَجُوزُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا، وَيَقُولُ: قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى التَّسْوِيَةِ. قَالَ: وَهَذَا فَاسِدٌ، وَعِنْدَنَا أَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ بِالْعِلَّةِ غَيْرُ الِاعْتِبَارِ بِهَذَا؛ لِأَنَّا نَجِدُ مَنْ يَقُولُ: هَذِهِ الْعَيْنُ حَلَالٌ، وَهَذِهِ حَرَامٌ، وَإِنْ كَانَ مِنْ قَائِلِينَ. فَهَاتَانِ مَسْأَلَتَانِ. وَالْعَجَبُ مِنْ دَاوُد فِي هَذَا، فَيُقَالُ لَهُ: خَبَرُنَا عَنْ الْمُسَاقَاةِ عَلَى الثُّلُثِ وَالرُّبُعِ مِنْ أَيِّ طَرِيقٍ أَخَذْتهَا؟ فَقَالَ: مِنْ طَرِيقِ الْإِجْمَاعِ، وَهُوَ أَنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا، فَرَّقُوا فِي الرَّدِّ وَالْإِجَازَةِ. قُلْنَا لَهُمْ: إنَّمَا أَخَذُوا ذَلِكَ عَنْ طَرِيقِ الْقِيَاسِ مِنْ الْإِجَازَةِ، ثُمَّ هُوَ لَا يُجِيزُ الْمُسَاقَاةَ، وَالْمُجْمِعُونَ سَوَّوْا بَيْنَهُمَا، فَقَالُوا: الْكَرْمُ لَا يَجُوزُ كَمَا لَا يَجُوزُ النَّخْلُ، وَمَنْ أَجَازَ سَوَّى بَيْنَهُمَا، فَلِمَ فَرَّقْت؟
[مَعْنَى قَوْلِهِمْ هَذَا لَا يَصِحُّ بِالْإِجْمَاعِ]
مَسْأَلَةٌ: إذَا اخْتَلَفُوا فِي مَسْأَلَتَيْنِ عَلَى قَوْلَيْنِ: فَقَالَتْ طَائِفَةٌ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute