للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّحَابَةِ عَلَى تَفَاوُتِهِمْ فِي الْفَهْمِ، ثُمَّ إجْمَاعُهُمْ عَلَى تَسْوِيغِ تَقْلِيدِ الْمَفْضُولِ مَعَ وُجُودِ الْأَفْضَلِ. وَالثَّالِثُ: يَجُوزُ لِمَنْ يَعْتَقِدُهُ فَاضِلًا أَوْ مُسَاوِيًا، وَالْخِلَافُ بِالنِّسْبَةِ لِلنَّظَرِ الْوَاحِدِ، وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَقْلِيدُ أَفْضَلِ أَهْلِ الدُّنْيَا، وَإِنْ كَانَ نَائِبًا عَنْ إقْلِيمِهِ، فَهَذِهِ الصُّورَةُ لَا تَحْتَمِلُ الْخِلَافَ، فَعَلَى هَذَا لَا يَجِبُ عَلَى أَحَدٍ الِاشْتِغَالُ بِتَرْجِيحِ إمَامٍ عَلَى إمَامٍ، بَعْدَ اجْتِمَاعِ شَرَائِطِ الْفَتْوَى، وَمِنْ فُرُوعِ الْمَسْأَلَةِ اجْتِهَادُ الْعَامِّيِّ فِي النَّظَرِ فِي الْأَعْلَمِ وَسَيَأْتِي. .

[غَيْرُ الْمُجْتَهِدِ يَجُوزُ لَهُ تَقْلِيدُ الْمُجْتَهِدِ]

مَسْأَلَةٌ غَيْرُ الْمُجْتَهِدِ يَجُوزُ لَهُ تَقْلِيدُ الْمُجْتَهِدِ الْحَيِّ بِاتِّفَاقٍ، كَذَا قَالُوا، لَكِنْ مَنَعَهُ ابْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ، وَرَوَى بِسَنَدِهِ إلَى ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - النَّهْيَ عَنْ تَقْلِيدِ الْأَحْيَاءِ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ الْفِتْنَةُ، قَالَ: وَإِنْ كَانَ [لَا] مَحَالَةَ مُقَلِّدًا فَلْيُقَلِّدْ الْمَيِّتَ. انْتَهَى. فَإِنْ قَلَّدَ مَيِّتًا فَفِيهِ مَذَاهِبُ: أَحَدُهَا: وَهُوَ الْأَصَحُّ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ، الْجَوَازُ، وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: الْمَذَاهِبُ لَا تَمُوتُ بِمَوْتِ أَرْبَابِهَا، وَلَا بِفَقْدِ أَصْحَابِهَا، وَرُبَّمَا حُكِيَ فِيهِ الْإِجْمَاعُ، وَأَيَّدَهُ الرَّافِعِيُّ بِمَوْتِ الشَّاهِدِ بَعْدَمَا يُؤَدِّي شَهَادَتَهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ، فَإِنَّ شَهَادَتَهُ لَا تَبْطُلُ.

قُلْت: وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اقْتَدُوا بِاَللَّذَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>