[الْقِسْمُ الْخَامِسُ أَنْ يَدْخُلَ وَقْتُهُ فَيَشْرَعَ فِي فِعْلِهِ لَكِنَّهُ يُنْسَخُ قَبْلَ تَمَامِهِ]
ِ. وَقَدْ سَبَقَ التَّصْرِيحُ مِنْ كَلَامِ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ بِجَوَازِ هَذِهِ الْحَالَةِ، وَقَدْ جَعَلَهَا الْأَصْفَهَانِيُّ فِي " شَرْحِ الْمَحْصُولِ " مِنْ صُوَرِ الْخِلَافِ. وَقَالَ الْقَرَافِيُّ: لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا، وَلَكِنَّ مُقْتَضَى قَوْلِنَا الْجَوَازُ مُطْلَقًا، وَمُقْتَضَى قَوْلِ الْمُعْتَزِلَةِ التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يُقَالَ: إذَا أَتَى بِبَعْضِ الْمَأْمُورِ بِهِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمَأْتِيُّ بِهِ تَحْصُلُ بِهِ مَصْلَحَةٌ، أَوْ لَا تَحْصُلُ، فَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ كَمَا إذَا أُمِرَ بِإِنْقَاذِ الْغَرِيقِ يَأْتِي بِهِ إلَى قَرِيبٍ مِنْ الشَّاطِئِ، وَكَانَ الْغَرِيقُ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ السِّبَاحَةُ إلَى طُلُوعِ الْبَرِّ، فَإِنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ وَأَشْبَاهَهَا لَا يَجُوزُ فِيهَا النَّسْخُ. وَإِنْ حَصَلَ بَعْضُ الْمَقْصُودِ، كَمَا إذَا أُمِرَ بِإِشْبَاعِ الْجَائِعِ، وَسَقْيِ الْعَطْشَانِ، وَإِكْسَاءِ الْعُرْيَانِ، فَفَعَلَ الْبَعْضُ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ نَسْخُ الْبَاقِي، لِأَنَّ الَّذِي فَعَلَهُ مَقْصُودٌ. .
[الْقِسْمُ السَّادِسُ أَنْ يَقَعَ النَّسْخُ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ قَبْلَ فِعْلِهِ]
الْقِسْمُ السَّادِسُ: أَنْ يَقَعَ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ قَبْلَ فِعْلِهِ: مُقْتَضَى اسْتِدْلَالِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ بِالِاتِّفَاقِ، وَوُجِّهَ بِأَنَّ التَّكْلِيفَ بِذَلِكَ الْفِعْلِ الْمَأْمُورِ بَعْدَ مُضِيِّ وَقْتِهِ يَنْتَفِي لِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ، وَهُوَ الْوَقْتُ، وَإِذَا انْتَفَى فَلَا يُمْكِنُ رَفْعُهُ لِامْتِنَاعِ رَفْعِ الْمَعْدُومِ، لَكِنْ صَرَّحَ الْآمِدِيُّ فِي الْإِحْكَامِ بِالْجَوَازِ، وَأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ. قِيلَ: وَلَا يَتَأَتَّى الْأَمْرُ إذَا صُرِّحَ بِوُجُوبِ الْقَضَاءِ، أَوْ قُلْنَا: الْأَمْرُ بِالْأَدِلَّةِ يَسْتَلْزِمُهُ، وَالصَّوَابُ هَذِهِ الطَّرِيقَةُ، فَإِنَّ أَبَا الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيَّ مِنْ الْمُعْتَزِلَةُ قَطَعَ بِهِ، فَقَالَ فِي " الْمُعْتَمَدِ ": نَسْخُ الشَّيْءِ قَبْلَ فِعْلِهِ ضَرْبَانِ: نَسْخٌ لَهُ قَبْلَ وَقْتِهِ، وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَ شُيُوخِنَا الْمُتَكَلِّمِينَ، وَذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إلَى جَوَازِهِ، وَنَسْخٌ لَهُ بَعْدَ مُضِيِّ وَقْتِهِ، وَهُوَ جَائِزٌ، لِأَنَّ مِثْلَ الْفِعْلِ يَجُوزُ أَنْ يَصِيرَ فِي مُسْتَقْبَلِ الْأَوْقَاتِ مَفْسَدَةً. قَالَ: وَلَا فَرْقَ فِي جَوَازِ ذَلِكَ فِي الْعَقْلِ بَيْنَ أَنْ يَعْصِيَ الْمُكَلَّفُ أَوْ يُطِيعَ. اهـ.
فَهَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ خِلَافَ الْمُعْتَزِلَةِ لَا يَجِيءُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، بَلْ هِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute