[مَسْأَلَةٌ نُسِخَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ بِالْآخَرِ]
ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَالرُّويَانِيُّ أَنَّ الْقَوْلَ لَا يُنْسَخُ إلَّا بِالْقَوْلِ، وَأَنَّ الْفِعْلَ لَا يُنْسَخُ إلَّا بِالْفِعْلِ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يَجُوزُ نَسْخُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْآخَرِ، لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا سُنَّةٌ يُؤْخَذُ بِهَا. وَقَدْ «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي السَّارِقِ: فَإِنْ عَادَ فِي الْخَامِسَةِ فَاقْتُلُوهُ» ، ثُمَّ رُفِعَ إلَيْهِ سَارِقٌ فِي الْخَامِسَةِ، فَلَمْ يَقْتُلْهُ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ مَنْسُوخٌ. وَقَالَ: «الثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ» ، ثُمَّ رَجَمَ مَاعِزًا وَلَمْ يَجْلِدْهُ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْجَلْدَ مَنْسُوخٌ. وَمَا حَكَيْنَاهُ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ صَحَّحَهُ الشَّيْخُ فِي " اللُّمَعِ " وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي إيجَابِ الْقُعُودِ إذَا صَلَّى الْإِمَامُ قَاعِدًا أَنَّهُ نُسِخَ بِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَرَضِ مَوْتِهِ.
وَقَالَ الْقَاضِي: يَجُوزُ نَسْخُ الْفِعْلِ بِالْفِعْلِ إذَا عُلِمَ كَوْنُهُمَا مُثْبِتَيْنِ لِحُكْمَيْنِ مُتَنَافِيَيْنِ، فَأَمَّا النَّسْخُ بِإِقْرَارِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْفِعْلِ أَوْ الْمَنْعِ مِنْهُ فَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ الْأَخْبَارِ. قَالَ: وَاخْتُلِفَ أَيْضًا فِي نَسْخِ قَوْلِهِ بِفِعْلِهِ فَأَجَازَهُ قَوْمٌ وَمَنَعَهُ آخَرُونَ. وَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute