كَانَ وُجُوبُ الْخِتَانِ أَمْرًا مُبِينًا لَا إجْمَالَ فِيهِ وَالْخُرُوجُ عَنْ الْعُهْدَةِ مُمْكِنٌ بِالْخِتَانِ فِيهِمَا أَوْجَبُوهُ.
قُلْت: وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُفْهَمَ مِنْ الطَّرِيقِ الْأُولَى أَنَّهُ كَالْعَامِّ حَقِيقَةً، كَيْفَ وَأَفْرَادُهُ مَحْصُورَةٌ؟ وَقَدْ حَمَلُوهُ عَلَى مَفْهُومِيَّةِ حَالَةِ الْإِفْرَادِ مِنْ غَيْرِ تَعْرِيفٍ وَلَا إضَافَةٍ، بَلْ أَجْرَوْهُ فِي الْأَفْعَالِ حَيْثُ مَثَّلُوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ} [الأحزاب: ٥٦] وَقَوْلِهِ: {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النساء: ٤٣] وَمَعْلُومُ الْفِعْلِ لَا عُمُومَ لَهُ.
[التَّنْبِيهُ] الْخَامِسُ
أَنَّ الْقُرْءَ عَلَى الصَّحِيحِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الطُّهْرِ وَالْحَيْضِ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي كُلِّ قُرْءٍ طَلْقَةً، طَلُقَتْ فِي كُلِّ قُرْءٍ طَلْقَةً، وَقَدْ يُقَالُ: لَا، طَلُقَتْ فِي الطُّهْرِ وَاحِدَةً، وَفِي الْحَيْضِ أُخْرَى حَمْلًا لِلْمُشْتَرَكِ عَلَى مَعْنَيَيْهِ وَجَوَابُهُ أَنَّ قَصْدَ الْمُطَلِّقِ بِتَفْرِيقِ الطَّلَاقِ أَنْ لَا يَقَعَ فِي بِدْعَةٍ وَهُوَ جَمْعُ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ فَلَا تُوقِعُهُ فِي بِدْعَةٍ أَشَدَّ مِنْهَا، وَهُوَ الْوُقُوعُ فِي الْحَيْضِ، وَلِأَنَّ اللَّفْظَ الْمُطْلَقَ يُحْمَلُ عَلَى مُقَيَّدِ الشَّرْعِ.
[اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ]
الْمَوْطِنُ الثَّانِي
فِي اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ مِثْلَ أَنْ يُطْلِقَ النِّكَاحَ، وَيُرِيدَ بِهِ الْعَقْدَ وَالْوَطْءَ جَمِيعًا، وَفِيهِ الْحَالَانِ السَّابِقَانِ مِنْ الِاسْتِعْمَالِ وَالْحَمْلِ. أَمَّا الِاسْتِعْمَالُ فَفِيهِ مَذَاهِبُ:
أَحَدُهَا: وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورِ أَصْحَابِنَا كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي بَابِ الْأَيْمَانِ مِنْ " الرَّوْضَةِ " جَوَازُ إرَادَةِ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute