للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْبَاءُ مِنْ أَدَوَات الْمَعَانِي]

الْبَاءُ وَهِيَ لِلْإِلْصَاقِ الْحَقِيقِيِّ وَالْمَجَازِيِّ أَيْ إلْصَاقِ الْفِعْلِ بِالْمَفْعُولِ، وَهُوَ تَعْلِيقُ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ وَاتِّصَالُهُ بِهِ، وَقَالَ عَبْدُ الْقَاهِرِ: قَوْلُهُمْ: الْبَاءُ لِلْإِلْصَاقِ إنْ حُمِلَ عَلَى ظَاهِرِهِ أَدَّى إلَى الِاسْتِحَالَةِ لِأَنَّهَا تَجِيءُ بِمَعْنَى الْإِلْصَاقِ نَفْسِهِ كَقَوْلِنَا: أَلْصَقْت بِهِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا بُدَّ مِنْ تَأْوِيلِ كَلَامِهِمْ، وَالْوَجْهُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ غَرَضُهُمْ أَنْ يَقُولُوا لِلْمُتَعَلِّمِ: اُنْظُرْ إلَى قَوْلِك: أَلْصَقْته بِكَذَا، وَتَأَمَّلْ الْمُلَابَسَةَ الَّتِي بَيْنَ الْمُلْصَقِ وَالْمُلْصَقِ بِهِ تَعْلَمْ أَنَّ الْبَاءَ أَيْنَمَا كَانَتْ الْمُلَابَسَةُ الَّتِي تَحْصُلُ بِهَا شَبِيهَةٌ بِهَذِهِ الْمُلَابَسَةِ الَّتِي تَرَاهَا فِي قَوْلِك: أَلْصَقْته بِهِ. انْتَهَى.

وَتَجِيءُ لِلِاسْتِعَانَةِ، نَحْوُ ضَرَبْت بِالسَّيْفِ، وَكَتَبْت بِالْقَلَمِ. وَبِمَعْنَى الْمُصَاحَبَةِ، كَاشْتَرَيْت الْفَرَسَ بِسَرْجِهِ، وَجَاءَ زَيْدٌ بِسِلَاحِهِ. وَبِمَعْنَى الظَّرْفِ، نَحْوُ جَلَسْت بِالسُّوقِ. وَتَكُونُ لِتَعْدِيَةِ الْفِعْلِ، نَحْوُ مَرَرْت بِزَيْدٍ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ هَذِهِ الْمَوَاضِعَ كُلَّهَا رَاجِعَةٌ إلَى الْمُلَابَسَةِ فَيَشْتَرِكُ فِي مَعْنًى كُلِّيٍّ، وَهُوَ أَوْلَى دَفْعًا لِلِاشْتِرَاكِ. قَالَ: وَأَظُنُّ أَنَّ ابْنَ جِنِّي أَشَارَ إلَى هَذَا، وَقِيلَ: إنَّهَا حَيْثُ دَخَلَتْ عَلَى الْآلَةِ فَهِيَ لِلْإِلْصَاقِ. وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ الْإِلْصَاقِ فَقِيلَ: تُفِيدُ التَّعْمِيمَ فِيهِ فَعَلَى هَذَا لَا إجْمَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>