للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ مِنْ الْحَنَابِلَةِ: لَا يَجُوزُ النَّسْخُ بِالْأَفْعَالِ، وَإِنْ جَعَلْنَاهَا دَالَّةً عَلَى الْوُجُوبِ دُونَ دَلَالَةِ صَرِيحِ الْقَوْلِ، وَالشَّيْءُ إنَّمَا يُنْسَخُ بِمِثْلِهِ أَوْ بِأَقْوَى مِنْهُ. وَقَالَ ابْنُ فُورَكٍ: إذَا أَقَرَّ عَلَى غَيْرِ مَا أُمِرَ بِهِ، هَلْ يَدُلُّ إقْرَارُهُ عَلَى نَسْخِ الْأَوَّلِ؟ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَقَعُ بِهِ نَسْخٌ، كَمَا يَقَعُ بِهِ التَّخْصِيصُ عَلَى قَوْلِنَا: إنَّ الْفِعْلَ يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ. وَمَنْ تَوَقَّفَ فِي الْفِعْلِ قَالَ: وَيُسْتَدَلُّ بِإِقْرَارِهِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ سَبَقَهُ قَوْلٌ نُسِخَ بِهِ الْأَمْرُ الْأَوَّلُ، لِأَنَّ فِعْلَهُ يَقَعُ تَخْصِيصًا، وَيَقَعُ مُتَعَدِّيًا، فَمَنْ قَالَ بِهَذَا فَإِنَّهُ يَقُولُ فِي حَدِيثِ مُعَاذٍ: وَكَانَ قَدْ تَقَدَّمَ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمُعَاذٍ قَوْلٌ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: سَنَّ لَكُمْ مُعَاذٌ سُنَّةً فَاتَّبَعُوهُ، فَأَضَافَهَا إلَيْهِ تَنْوِيهًا بِذِكْرِهِ، لَمَّا كَانَ هُوَ الْمُبْتَدِيَ بِهِ. وَمَنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ جَعَلَ سُكُوتَهُ عَلَى الْإِنْكَارِ نَسْخًا لَهُ.

[مَسْأَلَةٌ الْإِجْمَاعُ لَا يُنْسَخُ وَلَا يُنْسَخُ بِهِ]

ِ أَمَّا كَوْنُهُ لَا يَنْسَخُ، فَلِأَنَّ الْإِجْمَاعَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ وَفَاةِ الرَّسُولِ، وَالنَّسْخَ لَا يَكُونُ بَعْدَ مَوْتِهِ. هَكَذَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ، وَسُلَيْمٌ، وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ، وَأَبُو الْحُسَيْنِ فِي " الْمُعْتَمَدِ " وَالْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>