للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ، ثُمَّ قَالَ: وَلَا يَكَادُ يَتَحَقَّقُ، هَذَا التَّصْوِيرُ؛ لِأَنَّهُ يَنْوِي بِاللَّفْظِ مَعْنَى لَفْظٍ آخَرَ لَا صُورَةَ اللَّفْظِ، وَإِذَا كَانَ الْمَنْوِيُّ الْمَعْنَى فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُقَالَ: نَوَى التَّحْرِيمَ، وَبَيْنَ أَنْ يُقَالَ: نَوَى أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ.

[مَسْأَلَةٌ الْمَجَازُ فَرْعٌ لِلْحَقِيقَةِ]

ِ] الْمَجَازُ خَلَفٌ عَنْ الْحَقِيقَةِ بِالِاتِّفَاقِ أَيْ فَرْعٌ لَهَا بِمَعْنَى أَنَّ الْحَقِيقَةَ هِيَ الْأَصْلُ الرَّاجِحُ الْمُقَدَّمُ فِي الِاعْتِبَارِ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ شَرْطَ الْخَلَفِ انْعِدَامُ الْأَصْلِ لِلْحَالِ عَلَى احْتِمَالِ الْوُجُودِ، لَكِنْ اخْتَلَفُوا فِي جِهَةِ الْخَلَفِيَّةِ هَلْ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمُتَكَلِّمِ بِهِ أَوْ فِي حَقِّ الْحُكْمِ؟ فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إلَى أَنَّهُ خَلَفٌ عَنْ الْمُتَكَلِّمِ، سَوَاءٌ كَانَ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيُّ مَقْصُودًا فِيهِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ عَوَارِضِ الْأَلْفَاظِ، وَذَهَبَ صَاحِبَاهُ إلَى أَنَّهُ خَلَفٌ عَنْ حُكْمِ ذَلِكَ، يَعْنِي أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ مُوجِبًا حَقِيقَةً، ثُمَّ تَعَذَّرَ الْعَمَلُ بِحَقِيقَتِهِ لِمَعْنًى، فَحِينَئِذٍ يُصَارُ إلَى الْمَجَازِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِنَا؛ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ الْكَلَامِ. وَلِأَنَّ الْمَجَازَ الَّذِي لَا يُمْكِنُ صِحَّةُ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ فِي الْقُرْآنِ وَكَلَامِ الْبُلَغَاءِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصَى، وَمَعْنَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّهُ إذَا اُسْتُعْمِلَ لَفْظٌ وَأُرِيدَ بِهِ الْمَعْنَى الْمَجَازِيُّ هَلْ يُشْتَرَطُ إمْكَانُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ بِهَذَا اللَّفْظِ أَوْ لَا؟ فَعِنْدَنَا يُشْتَرَطُ فَحَيْثُ يَمْتَنِعُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ لَا يَصِحُّ الْمَجَازُ.

وَعِنْدَهُ: لَا: بَلْ يَكْفِي صِحَّةُ اللَّفْظِ مِنْ حَيْثُ الْعَرَبِيَّةُ احْتِرَازًا مِنْ إلْغَاءِ الْكَلَامِ. وَنَكْتُبُهَا: أَنَّ اللَّفْظَ عِنْدَنَا إذَا كَانَ مُحَالًا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحَقِيقَةِ لَغْوٌ، وَعِنْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>